و (أبو داود الطيالسيّ) في "مسنده"(٧٣٦)، و (أحمد) في "مسنده"(٤/ ٢٨٠ و ٢٨٥)، و (الدارميّ) في "سننه"(١/ ٣٠٦)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه"(٦١٠)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(١٨٨٤)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(١٧٠٠)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(١٠٤٢)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٢/ ١٢٢ - ١٢٣)، و (البغويّ) في "شرح السنّة"(٦٢٨)، واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): قال الإمام ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا الحديث يدلّ على أن الاعتدال ركن طويل، وحديث أنس -رضي اللَّه عنه- يعني الذي بعده بلفظ:"كان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائمًا حتى يقول القائل: قد نسي" أصرح في الدلالة على ذلك، بل هو نصّ فيه، فلا ينبغي العدول عنه لدليل ضعيف، وهو قولهم: لم يُسَنّ فيه تكرير التسبيحات، كالركوع والسجود، ووَجْهُ ضعفه أنه قياس في مقابلة النصّ، وهو فاسدٌ، وأيضًا فالذكر المشروع في الاعتدال أطول من الذكر المشروع في الركوع، فتكرير "سبحان ربي العظيم" ثلاثًا يجيء قدر قوله: "اللهم ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه"، وقد شُرع في الاعتدال ذكر أطول، كما أخرجه مسلم، من حديث عبد اللَّه بن أبي أوفى، وأبي سعيد الخدريّ، وعبد اللَّه بن عباس -رضي اللَّه عنهم- بعد قوله:"حمدًا كثيرًا طيبًا ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعدُ"، زاد في حديث ابن أبي أوفى:"اللهم طَهِّرني بالثلج. . . إلخ"، وزاد في حديث الآخَرَين:"أهلَ الثناء والمجد. . . إلخ"، وقد ثبت أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أثنى على رجل زاد من عند نفسه في الاعتدال ذكرًا (١).
ومن ثَمّ اختار النوويّ جواز تطويل الركن القصير بالذكر، خلافا للمرجَّح في المذهب، واستَدَلَّ لذلك أيضًا بحديث حذيفة -رضي اللَّه عنه- في مسلم، أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قرأ
(١) هو: ما يأتي برقم (٦٠٠) عن أنس -رضي اللَّه عنه-، أن رجلًا جاء، فدخل الصفّ، وقد حَفَزَه النفَسُ، فقال: الحمد للَّه حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، فلما قضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلاته، قال: "أيكم المتكلم بالكلمات؟ " فأرمّ القوم، فقال: "أيكم المتكلم بها؟ فإنه لم يقل بأسًا"، فقال رجل: جئت وقد حَفَزني النفسُ فقلتها، فقال: "لقد رأيت اثني عشر ملكًا يبتدرونها أيُّهُم يرفعها".