للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ أَنَسٍ) -رضي اللَّه عنه- أنه (قَالَ: إِنِّي لَا آلُو) بهمزة ممدودة، بعد حرف النفي، ولام مضمومة، بعدها واوٌ: أي لا أقصّر (أَنْ) بالفتح مصدريّة (أُصَلِّيَ بِكُمْ، كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصَلِّي بِنَا) فيه تصريح من أنس -رضي اللَّه عنه- بأنه يصف صلاة رسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بالفعل (قَالَ) وفي رواية البخاريّ: "قال ثابت" (فَكَانَ أَنَسٌ) -رضي اللَّه عنه- (يَصْنَعُ شَيْئًا لَا أَرَاكُمْ) وفي رواية البخاريّ: "لم أركم" (تَصْنَعُونَهُ) فيه إشعارٌ بأن من خاطبهم كانوا يُخلّون بتطويل الاعتدال، ولا يُطيلون الجلوس بين السجدتين، ولكن السنّة إذا ثبتت لا يُبالي من تمسّك بها بمخالفة من خالفها، قاله في "الفتح" (١). وقوله: (كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ) جملة مستأنفة استئنافًا بيانيًّا، وهو ما وقع جوابًا عن سؤال مقدّر، والتقدير هنا: ما الشيء الذي كان يصنعه أنس -رضي اللَّه عنه-، فأجاب بقوله: كان إذا رفع رأسه (مِنَ الرُّكُوعِ انْتَصَبَ) أي قام، فقوله: (قَائِمًا) حال مؤكّدة لعاملها، وهو "انتصب"، كما في قوله تعالى: {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [البقرة: ٦٠]، قال ابن مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "خلاصته":

وَعَامِلُ الْحَالِ بِهَا قَدْ أُكِّدَا … فِي نَحْوِ "لَا تَعْثَ فِي الأَرْضِ مُفْسِدَا"

(حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ) وفي بعض النسخ: "حتى يقول الناس"، وهو بنصب "يقولَ" على أن "حتّى" بمعنى "إلى"، و"أن" مضمرة بعدها وجوبًا، أي إلى أن يقول القائل.

ومعنى الحديث: أنه يُطيل القيام، حتى يقول القائل: إنه قد نسي ما بعده، ويحتمل أن يكون القول بمعنى الظنّ؛ لأنه قد يأتي بمعناه.

[تنبيه]: قال التوربشتيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: نُصِبَ "يقول" بـ "حتى"، وهو الأكثر، ومنهم من لا يُعْمل "حتى" إذا حسن "فَعَلَ" موضع "يفعل"، كما يحسن في هذا الحديث حتى قالوا: قد نسي، وأكثر الرواة على ما علمنا على النصب، وكان تركه من حيث المعنى أتمّ وأبلغ. انتهى.

وقال ابن هشام الأنصاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لا ينتصب الفعل بعد "حتى" إلا إذا كان مستقبلًا، ثم إن كان استقباله بالنظر إلى زمن التكلّم، فالنصب واجبٌ، نحو:


(١) "الفتح" ٢/ ٢٨٨.