للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَحَذْفُ "يَا" يَجُوزُ فِي النِّدَاءِ … كَقَوْلِهِمْ "رَبِّ اسْتَجِبْ دُعَائِي" أو منصوب على الاختصاص، كما قال في "الخلاصة":

الاخْتِصَاصُ كَنِدَاءٍ دُونَ "يَا" … كَأيُّهَا الْفَتَى بِإِثْرِ "ارْجُونِيَا"

أو منصوب على المدح، أي أمدح أهلَ الثناء.

وهذا الذي ذكرناه من النصب هو المشهور، وجوّز بعضهم رفعه على تقدير: أنت أهلُ الثناء، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: والمختار النصب، والثناء: الوصفُ الجميل والمدح. انتهى.

وقال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "الثناء" -بالفتح، والمدّ- يقال: أثنيت عليه خيرًا، وبخير، وأثنيت عليه شرًّا، وبشرّ؛ لأنه بمعنى وَصَفْتُهُ، هكذا نَصّ عليه جماعة، منهم صاحب "الْمُحْكَم"، وكذلك صاحب "البارع"، وعزاه إلى الخليل، ومنهم محمد بن الْقُوطيّة، وهو الْحَبْر الذي ليس في منقوله غَمْز، والبحر الذي ليس في منقوده لَمْز، وكأن الشاعر عَنَاه بقوله [من الوافر]:

إَذَا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا … فَإِنَّ الْقَوْلَ مَا قَالَتْ حَذَامِ

وقد قيل فيه: هو العالم النِّحْرير، ذو الإتقان والتحرير، والحجة لمن بعده، والبرهان الذي يوقف عنده، وتبعه على ذلك مَنْ عُرِف بالعدالة، واشتَهَرَ بالضبط، وصحة المقالة، وهو السَّرَقُسْطِيُّ، وابنُ القطّاع.

واقتَصَر جماعة على قولهم: أثنيت عليه بخير، ولم يَنْفُوا غيره.

ومن هذا اجتَرَأَ بعضهم، فقال: لا يُسْتَعْمَل إلا في الْحَسَن، وفيه نظر؛ لأن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفيه عما عداه، والزيادة من الثقة مقبولة.

ولو كان الثناء لا يُسْتَعْمَل إلا في الخير، كان قول القائل: أثنيت على زيد كافيًا في المدح، وكان قوله: "له الثناء الحسن" لا يفيد إلا التأكيد، والتأسيسُ أولى، فكان في قوله: "الحسن" احترازٌ عن غير الحسن، فإنه يُسْتَعْمَل في النوعين، كما قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "والخيرُ في يديك، والشرّ ليس إليك"، أخرجه مسلم.

وفي "الصحيحين": "مَرُّوا بجنازة، فأثنوا عليها خيرًا، فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: وجبت، ثم مَرّوا بأخرى، فأَثْنَوا عليها شرًّا، فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: وجبت، وسئل عن قوله: