للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قوله: "وسفيان معروف بالتدليس"، فيه نظر لا يخفى؛ لأن ابن عيينة ليس مشهورًا بالتدليس، وإن وُصف به، إلا أنه قليل، وأيضًا فقد قالوا: إنه لا يُدلّس إلا عن ثقة، حتى ادّعى ابن حبّان أنه لا نظير له في ذلك.

والحاصل أن تدليس ابن عيينة قليلٌ، وإذا دلّس لا يضرّه؛ لأنه لا يدلّس إلا عن ثقة، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.

[تنبيه آخر]: وقع للمصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- في هذا الإسناد غريبةٌ، وذلك أن عادته عند اختلاف شيوخه في صيغ الأداء أن يبيّنه في أول السند، فيقول مثلًا: حدّثنا سعيد بن منصور، وأبو بكر بن أبي شيبة، وزُهير بن حرب، قال أبو بكر: حدّثنا سفيان، عن سليمان، وقال الآخران: حدّثنا سفيان بن عيينة، أخبرني سليمان بن سُحَيم، وهكذا عادته المستمرّة، إلا أنه خالف هذا هنا، فأخّر كلام أبي بكر عن سياق المتن، فأوقع بعضَهم في الغلط، حيث ظنّ أن قوله: "قال أبو بكر إلخ" أولُ السند التالي، فجعلوا قوله: "حدّثنا يحيى بن أيوب إلخ" من كلام سليمان بن سُحيم، وممن وقع له ذلك صاحب "تحفة الأشراف"، حيث قال: (م) في "الصلاة" عن سعيد بن منصور، وأبي بكر بن أبي شيبة، وزُهير بن حرب، ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة، وقال أبو بكر: حدّثنا سفيان، عن سليمان، عن يحيى بن أيوب إلخ.

فجعل يحيى بن أيوب شيخًا لسليمان، وهذا غلطٌ صريحٌ، والصواب أن قوله: "قال أبو بكر، حدثنا سفيان، عن سليمان" من تَتِمّة السند الماضي.

وأما قوله: "حدّثنا يحيى بن أيوب"، فهو من مقول المصنّف، فيحيى بن أيوب شيخه، لا شيخ سليمان، وهو المقابريّ البغداديّ، وهو من الطبقة العاشرة، كما سنوضّحه في السند التالي، لا الغافقي المصريّ الذي هو من الطبقة السابعة.

ومما يؤكّد ما قلناه أنه وقع في النسخة التي شرح عليها الأبيّ والسنوسي بزيادة توضّح ما ذُكر، ولفظها: "حدّثنا سفيان، عن سليمان بهذا"، وسقطت لفظة "بهذا" عن كثير من النسخ، كشرح النووي وغيره.

فقوله: "بهذا" إشارة إلى الحديث الذي قبله، فتأمله تجده حقًّا.