للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وبالجملة فما وقع في هذا الغلط من وقع فيه إلا من تغيير المصنّف أسلوبه المعتاد الذي ذكرناه آنفًا.

ويَحْتَمل أن يكون هذا من تصرّف النسّاخ، لا من المصنّف، واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) -رضي اللَّه عنهما- أنه (قَالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- السِّتَارَةَ) بكسر السين المهملة: اسم لما يُسْتَرُ به، قال في "المصباح": السِّتْر -أي بكسر، فسكون-: ما يُسْتَرُ به، وجمعه: سُتُورٌ، والسُّتْرة بالضمّ مثله، قال ابن فارس: السُّتْرة: ما استترتَ به كائنًا ما كان، والسِّتَارة بالكسر مثله، والسِّتَار بحذف الهاء لغةٌ، وسترتُ الشيءَ سَتْرًا، من باب نصر. انتهى (١).

والمراد هنا السِّتْرُ الذي يكون على باب البيت، أو الدار، يعني أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كشف الحجاب الذي بينه وبين أصحابه -رضي اللَّه عنهم-؛ ليكلّمهم بما يأتي.

(وَالنَّاسُ صُفُوفٌ) بالضمّ: جمع صَفّ، كفلس وفُلُوس، وهو على حذف مضاف: أي ذوو صُفُوف، والجملة في محلّ نصب على الحال من الفاعل، والرابط الواو؛ لأن الجملة اسميّة، وهي تربط بالواو، وبالمضمر، كما قال في "الخلاصة":

وَجُمْلَةُ الْحَالِ سِوَى مَا قُدِّمَا … بِوَاوٍ أَوْ بِمُضْمَرٍ أَوْ بِهِمَا

(خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ) ظرف متعلّق بـ "صُفُوفٌ"، والحال أن الناس مصطفّون وراء أبي بكر الصدّيق -رضي اللَّه عنه-، يُصلّي بهم؛ لكون النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مريضًا، كما بُيِّن في رواية إسماعيل بن جعفر، عن سليمان بن سُحيم التالية بلفظ: "كشف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- السِّتْرَ، ورأسه معصوبٌ، في مرضه الذي مات فيه. . . " (فَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("أَيُّهَا النَّاسُ) بحذف حرف النداء، على حدّ قوله تعالى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} [يوسف: ٢٩]، قال الحريريّ في "الْمُلْحَة":

وَحَذْفُ "يَا" يَجُوزُ فِي النِّدَاءِ … كَقَوْلِهِمْ "رَبِّ اسْتَجِبْ دُعَائِي"


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٦٦.