للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أي يا أيها الناس (إِنَّهُ) الضمير للشأن، وهو الضمير الذي تفسّره جملة بعده، أي إن الأمر والشأن (لَمْ يَبْقَ) بفتح أوله، وثالثه، مضارع بَقِيَ، يقال: بَقِيَ الشيءُ يَبْقَى، من باب تَعِبَ بَقَاءً، وبَاقِيَةً: دام، وثَبَتَ، ويتعدّى بالألف، فيقال: أبقيتُهُ، والاسمُ الْبَقْوَى، بالفتح مع الواو، والْبُقْيَا بالضمّ مع الياء، ومثله الْفَتْوَى، والْفُتْيَا، والثَّنْوَى، والثُّنْيَا، وهي الاسم من الاستثناء، والرَّعْوَى، والرُّعْيَا، من أرعيتُ عليه، وطَيِّئٌ تُبْدل الكسرة فتحةً، فتنقلب الياء ألفًا، فيصير بَقَا، وكذلك كلُّ فِعْل ثلاثيّ، سواءٌ كانت الكسرة والياء أصليّتين، نحوُ بَقِيَ، ونَسِيَ، وفَنِيَ، أو كان ذلك عارضًا، كما لو بُنِي الفعلُ للمفعول، فيقولون في هُدِيَ زيدٌ، وبُنِيَ البيتُ: هُدَا زيدٌ، وبُنَا البيتُ، قاله الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

(مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ) بصيغة اسم الفاعل: هو ما اشتمل على الخبر السارّ، من وحيٍ، أو إلهامٍ، أو رؤيا، أو نحوها، أي مما يَظهَر للنبيّ من المبشّرات بعد نبوّته، وفيه إشارة إلى قرب أجله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وانقطاع الوحي.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "مبشِّرات النبوّة": أولُ ما يبدو منها، مأخوذ من تباشير الصبح وبشائره، وهو أوّل ما يبدو منه، وهذا كما تقدّم من قول عائشة -رضي اللَّه عنها-: "أوّلُ ما بُدئ به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم" (٢). انتهى (٣).

وقال في "الفتح" -عند شرح قول البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "كتاب التعبير": "باب المبشِّرات" -ما نصّه: "المبشِّرات" بكسر الشين المعجمة، جمع مُبَشِّرة، وهي البُشْرَى، وقد ورد في قوله تعالى: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: ٦٤] هي الرؤيا الصالحة، أخرجه الترمذيّ، وابن ماجه، وصححه الحاكم، من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عبادة بن الصامت، ورواته ثقات، إلا أن أبا سلمة لم يسمعه من عبادة، وأخرجه الترمذيّ أيضًا من وجه آخر، عن أبي سلمة، قال: نُبِّئتُ عن عبادة، وأخرجه أيضًا هو وأحمد، وإسحاق، وأبو يعلى، من طريق عطاء بن يسار، عن رجل من أهل مصر، عن عبادة، وذكر


(١) "المصباح المنير" ١/ ٥٨.
(٢) متّفقٌ عليه.
(٣) "المفهم" ٢/ ٨٦.