للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[قلت]: الجواب هو ما سبق في الركوع، وهو أن التسبيح فيه قليلٌ بالنسبة للدعاء المأمور بالاجتهاد فيه، واللَّه تعالى أعلم.

ثمّ بيّن سبب الحثّ على الاجتهاد في الدعاء، فقال:

(فَقَمِنٌ) بفتح القاف، وكسر الميم، وفتحها، ويقال أيضًا: قمين بالياء، ومعناه: جدير، وخَلِيقٌ.

قال الأزهريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يقال: هو قَمَنٌ أن يفعل ذلك -بالتحريك- وقَمِن -بكسر الميم- أن يفعل ذلك، فمن قال: قَمَن -بفتح الميم- أراد المصدر، فلم يُثَنِّ، ولم يَجْمَع، ولم يؤنث، يقال: هما قَمَنٌ أن يفعلا ذلك، وهم قَمَنٌ أن يفعلوا ذلك، وهُنَّ قَمَنٌ أن يفعلن ذلك، ومن قال: قَمِنٌ -بكسر الميم- أراد النعت، فَثَنَّى، وجَمَعَ، فقال: هما قَمِنان، وهم قَمِنون، ويؤنث على ذلك، وفيه لغتان: هو قَمِن أن يفعل ذلك، وقَمِين أن يفعل ذلك بالياء، قال قيس بن الْخَطِيم [من الطويل]:

إَذَا جَاوَزَ الإِثْنَيْنِ سِرٌّ … فَإِنَّهُ بِنَثِّ وَتَكْثِيرِ الْوُشَاةِ قَمِينُ

وقال ابن كيسان: قَمِينٌ بمعنى حَرِيٌّ، مأخوذ من تَقَمَّنتُ الشيءَ: إذا أشرفتَ عليه أن تأخذه، وقال غيره: هو مأخوذ من الْقَمِين، بمعنى السريع والقريب، ذكره في "اللسان" (١).

وقوله: (أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ") "أن" مصدريّة، والمصدر المؤوّل مبتدأ مؤخّر، وخبره قوله: "قمنٌ" مقدّمًا عليه، أو هو فاعل بـ "قَمِنٌ" على مذهب الكوفيين الذين لا يشترطون الاعتماد.

وقوله: (قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بِهَذَا) أي بالحديث السابق، وقد تقدّم آنفًا أن الأولى للمصنّف أن يقدّم هذا الكلام قبل المتن في أول السند، كعادته عند اختلاف شيوخه في صيغ الأداء، وقد وقع بعضهم في غلط شنيع بسبب هذا التأخير، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


= به، ووثّقه ابن حبّان، انظر: "تهذيب التهذيب" ١/ ١٩٦، وقال في "التقريب": صدوق من الثالثة.
(١) "لسان العرب" ١٣/ ٣٤٧.