الفعل، وأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- واظب عليه، ولفظه: "عن عائشة قالت: ما رأيت النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- منذ نزل عليه: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١)} يُصلي صلاةً إلا دعا، أو قال فيها: سبحانك اللهم. . . " الحديث.
قيل: اختار النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الصلاة لهذا القول؛ لأن حالها أفضل من غيرها، وليس في الحديث ما يدلّ على أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكن يقول ذلك خارج الصلاة أيضًا، بل في رواية عامر الشعبيّ، عن مسروق الآتية ما يُشعِر بأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يواظب على ذلك داخل الصلاة وخارجها.
وقوله: (فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ) بيان للمحلّ الذي كان -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول فيه هذا الذكر من الصلاة، وهو الركوع والسجود.
("سُبْحَانَكَ) قال أهل اللغة العربية، وغيرهم: التسبيح: التنزيه، وقولهم: "سبحانَ اللَّه" منصوب على المصدر، يقال: سَبَّحتُ اللَّه تسبيحًا وسُبْحَانًا، فسبحان اللَّه معناه: براءةً وتنزيهًا له من كل نقص، وصفة للمُحْدَث، قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).
وقال القرطبيّ: "سُبحان" اسم علمٌ لمصدر سَبَح، وقع موقعه، فنُصب نصبه، وهو لا ينصرف للتعريف، والألف والنون الزائدتين، كعثمان، ومعناه البراءة للَّه من كلّ نقص وسُوء، وهو في الغالب مما لا ينفصل عن الإضافة، وقد ذكره الحريريّ في جملة الأسماء الملازمة للإضافة، حيث قال في "ملحة الإعراب":
وَفِي الْمُضَافِ مَا يَجُرُّ أَبَدَا … مِثْلُ "لَدُنْ زَيْدٍ" وَإِنْ شِئْتَ "لَدَى"
وَمِنْهُ "سُبْحَانَ" وَ"ذُو" وَ"مِثْلُ" … وَ"مَعْ" وَ"عِنْدَ" وَ"أُولُو" وَ"كُلُّ"
ثُمَّ الْجِهَاتُ السِّتُّ "فَوْقُ" وَ"وَرَا" … وَ"يَمْنَةٌ" وَعَكْسُهَا بِلَا مِرَا
وَهَكَذَا "غَيْرُ" وَ"بَعْضُ" و"سِوَى" … فِي كَلِمٍ شَتَّى رَوَاهَا مَنْ رَوَى
قال: وقد جاء منفصلًا عنها في قول الأعشى:
أَقُولُ لَمَّا جَاءَنِي فَخْرُهُ … سُبْحَانَ مِنْ علْقَمَةَ الْفَاخِرِ
وقد أشربه في هذا البيت معنى التعجّب، فكأنه قال: تَعَجُّبًا من علقمةّ!.
(١) "شرح النوويّ" ٤/ ٢٠١ - ٢٠٢.