للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أهل السِّرا، وهي موضع بين مكة واليمن، وقيل: إنه من حِمْيَر، وقيل: من أَلْهان، وقيل: من حَكَم بن سَعْد العشيرة، فأصابه سباء، فاشتراه النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأعتقه، فلم يزل معه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى تُوفّي، فخرج إلى الشام، فنزل بالرَّمْلة، ثم انتقل إلى حِمْصَ، فابتنى بها دارًا، ولم يزل بها إلى أن مات سنة (٥٤).

(فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ) وفي رواية النسائيّ: "دُلّني على عمل ينفعني" (أَعْمَلُهُ) وفي نسخة: "أعمل به"، و"أعملُ" بالرفع على أن الجملة صفة لـ "عَمَل"، وكذلك قوله: "يُدخلني"، وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "أعمله" يجوز أن يكون "أعمله" مجزومًا جوابًا للأمر، و"يُدخلني" بدلًا منه، وذلك لأن مَعْدان لَمّا كان معتقدًا لكون الإخبار سببًا لعمله صحّ ذلك، وأن يكون مرفوعًا صفةً لـ "عمل". انتهى (١).

(يُدْخِلُني) بضمّ أوله، وكسر ثالثه، من الإدخال (اللَّهُ بهِ الْجَنَّةَ، أَوْ) للشكّ من بعض الرواة (قَالَ: قُلْتُ: بِأَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ) أَي أخبرني بأحبّ الأعمال إلى اللَّه تعالى حتى أعمل به (فَسَكَتَ) وفي رواية النسائيّ: "فسكت عنّي مليًّا"، أي ساعة طويلة (ثُمَّ سَأَلْتُهُ) أي عما سأله أوّلًا، قال القاري -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يَحْتَمل أن يكون السؤال في زمان آخر، وأن تكون "ثُمّ" لمجرّد العطف. انتهى (٢). والظاهر الثاني، واللَّه تعالى أعلم.

(فَسَكَتَ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ الثَّالِثَةَ) إنما كرّر عليه؛ لكون المسؤول عنه مما لا ينبغي تركه، والظاهر أن سكوته لكونه مشغولًا بأمر آخر، وفي "المرعاة": ولعلّ سكوته لامتحان حال السائل في الجدّ في السؤال والطلب. انتهى (٣). (فَقَالَ) ثوبان -رضي اللَّه عنه- (سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ) أي عما سألتني عنه، وهو العمل الذي يدخل الجنّة (رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ) أي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ("عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ) أي الْزَم السجود له، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: المراد به السجود في الصلاة. انتهى (٤). وقال ابن الملك -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أراد به السجود للصلاة، أو للتلاوة، أو للشكر. انتهى (٥).


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٣/ ١٠٢٨.
(٢) "المرقاة" ٢/ ٦١٦.
(٣) "المرعاة" ٣/ ٢١٥ - ٢١٦.
(٤) "شرح النوويّ" ٤/ ٢٠٦.
(٥) "المرقاة" ٢/ ٦١٦.