للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال ابن الْقُوطِيَّة أيضًا، وتبعه السَّرَقُسْطيّ، وابن القطاع: بات يفعل كذا: إذا فعله ليلًا، ولا يقال: بمعنى نام.

وقد تأتي بمعنى صار، يقال: بات بموضع كذا، أي صار به، سواء كان في ليل أو نهار، وعليه قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فإنه لا يدري أين باتت يده"، والمعنى: صارت، ووَصَلَت، وعلى هذا المعنى قول الفقهاء: بات عند امرأته ليلةً، أي صار عندها، سواء حَصَل معه نوم أم لا، وبَاتَ يَبَاتُ، من باب تَعِبَ لغة. انتهى كلام الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: فمعنى "أبيت" هنا هو وجوده عنده -صلى اللَّه عليه وسلم- لخدمته، ولا يريد نومه، ويدلّ عليه قوله: "فأتيته إلخ"، واللَّه تعالى أعلم.

(مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) ظرف لـ "أبيتُ"، قال في "المرقاة": ولعلّ هذا وقع له في السفر، وقال ابن حجر: أي إما في السفر، أو الحضر، والمراد بالمعيّة القرب منه بحيث يسمع نداءه إذا ناداه لقضاء حاجته. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: يؤيّد كونه في الحضر قوله في رواية أحمد: "كنت أخدُم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأقوم له في حوائجه، نهاري أجمع، حتى يصلي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- العشاء الآخرة، فأجلس ببابه إذا دخل بيته. . . " الحديث.

(فَأَتَيْتُهُ) وفي نسخة: "فآتيه" بصيغة مضارع المتكلّم، (بِوَضُوئِهِ) بفتح الواو؛ لأن المراد الماء الذي يتوضّأ منه، وقوله: (وَحَاجَتِهِ) من عطف العامّ على الخاصّ، أى بما يَحتاج إليه، من نحو سواك، وغيره.

[تنبيه]: هذا الحديث اختصره المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وقد ساقه الإمام أحمد في "مسنده" مطوّلًا، فقال:

(١٥٩٨٤) حدّثنا يعقوب، قال: حدّثنا أَبِي، عن ابن إسحاق، قال: حدّثني محمد بن عمرو بن عطاء، عن نُعيم المجمر، عن ربيعة بن كعب، قال: كنت أخدُم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأقوم له في حوائجه، نهاري أجمع، حتى يصلي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- العشاء الآخرة، فأجلس ببابه إذا دخل بيته، أقول: لعلها أن تَحْدُث لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حاجة، فما أزال أسمعه يقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-:


(١) "المصباح المنير" ١/ ٦٧ - ٦٨.
(٢) "المرقاة" ٢/ ٦١٥.