للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأحزاب: "ألا رجلٌ يأتيني بخبر القوم، جعله اللَّه معي يوم القيامة" (١)؛ لأن هذا مثل قوله تعالى: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ} الآية [النساء: ٦٩]؛ لأن هذه المعيّة هي النجاة من النار، والفوز بالجنّة، إلا أن أهل الجنّة على مراتب، ومنازلهم بحسب أعمالهم وأحوالهم، وقد دلّ على هذا أيضًا قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المرء مع من أحبّ". انتهى كلام القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وهو بحث نفيسٌ، واللَّه تعالى أعلم.

(قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ) مبتدأ وخبره، أي المسئول ما ذكرته لك، من مرافقتي لك في الجنّة، لا غيره (قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("فَأَعِنِّي) الفاء فاء الفصيحة، أي إذا كان مطلوبك ما ذكرته، فأعني (عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ) الجارّان متعلّقان بـ "أعنِّي"، أي كن عونًا لي على تحصيل مطلوبك الذي هو مرافقتك لي في الجنّة بكثرة السجود للَّه تعالى، والظاهر أنه عموم السجود، ويَحْتَمِل أن يكون المراد به الصلاة، وخصّ السجود بالذكر؛ لأنه مُذلّ للنفس، وقاهر لها؛ لما فيه من وضع أشرف الأعضاء، وأعلاها على الأرض، وأيّ نفس خضعت للَّه تعالى استحقّت رحمته وإحسانه، ورفع درجاته، فقد أخرج الإمام أحمد في "مسنده" بسند صحيح، عن ابن عمر عن عمر قال: لا أعلمه إلا رفعه، قال: "يقول اللَّه تبارك وتعالى: مَن تواضع لي هكذا - وجعل يزيد (٢) باطن كفه إلى الأرض، وأدناها إلى الأرض -رفعته هكذا- وجعل باطن كفه إلى السماء، ورفعها نحو السماء".

وأخرج أحمد، وابن ماجه عن أبي سعيد -رضي اللَّه عنه- عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من يتواضع للَّه سبحانه درجة، يرفعه اللَّه به درجة، ومن يتكبر على اللَّه درجةً يضعه اللَّه به درجةً حتى يجعله في أسفل السافلين"، وفيه درّاج، عن أبي الهيثم، ضعيف.

وقال بعضهم: المراد تعظيم تلك الحاجة، وأنها تحتاج إلى معاونة منك، ومجرّدُ السؤال مني لا يكفي فيها.


(١) سيأتي للمصنّف في "كتاب الجهاد" برقم (١٧٨٨).
(٢) هو يزيد بن هارون الراوي.