للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عبد الرَّحمن بن سَمُرَة، عن معاذ، وهذا كله بناءٌ على أنه حديث واحد، وقد رَجَحَ لي أنهما حديثان، وإن اتَّحَد مخرجهما، عن قتادة، عن أنس، ومتنهما في كون معاذ رِدْفَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - للاختلاف فيما وردا فيه، وهو أن حديث الباب في حق الله على العباد، وحق العباد على الله، والماضي فيمن لقي الله لا يشرك به شيئًا، وكذا رواية أبي عثمان النَّهْديّ، وأبي رَزِين، وأبي الْعَوّام كلهم عن معاذ، عند أحمد، ورواية عمرو بن ميمون موافقة لرواية حديث الباب، ونحوُها رواية عبد الرَّحمن بن سَمُرة، عن معاذ عند النسائيّ، والرواية الأخرى موافقة لرواية هشام التي في "العلم"، قال: وقد أشرت إلى شيء من ذلك في "باب اسم الفرس والحمار"، من "كتاب الجهاد"، وقد جاء عن أنس، عن معاذ نحو حديث الباب، أخرجه أحمد من طريق الأعمش، عن أبي سفيان، عن أنس، قال: أتينا معاذًا، فقلنا: حَدِّثنا من غرائب حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر مثل حديث همام، عن قتادة. انتهى كلام الحافظ (١)، وهو بحثٌ نفيسٌ.

(قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -) - بكسر الراء، وإسكان الدال - هذه الرواية المشهورة التي ضبطها معظم الرواة، وحَكَى القاضي عياض رحمه الله تعالى أن أبا عليّ الطبريّ الفقيه الشافعيّ أحدَ رواة الكتاب ضبطه بفتح الراء، وكسر الدال، و"الرِّدْف"، و"الرَّدِيف" هو الراكب، يقال منه: رَدِفْتُهُ بكسر الدال في الماضي، وفتحها في المضارع: إذا ركبتَ خلفه، وأردفته أنا رباعيًّا، وأصله من ركوبه على الرِّدف، وهو الْعَجُز، قال القاضي: ولا وجه لرواية الطبريّ إلَّا أن يكون فَعِل هنا اسم فاعل، مثلُ "عَجِلٍ"، و"زَمِنٍ"، و"فَرِقٍ"، إن صحت رواية الطبريّ، انتهى (٢).

[تنبيه]: قد أفرد الحافظ ابن منده رحمه الله تعالى أسماء من أردفه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - خلفه، فبلغوا ثلاثين نفسًا، ذكره في "الفتح" (٣) (لَيْسَ بَيْني وَبَيْنَهُ) - صلى الله عليه وسلم - أراد به المبالغة في شدة قربه؛ ليكون أوقع في نفس سامعه أنه ضابطٌ ما رواه


(١) "الفتح" ١١/ ٤١١ "كتاب الرقاق" رقم الحديث (٦٥٠٠).
(٢) "إكمال المعلم" ١/ ٢٣٦ - ٢٣٧ و"شرح النوويّ" ١/ ٢٣٠.
(٣) "الفتح" ١٠/ ٤١٢ "كتاب اللباس" رقم الحديث (٥٩٦٧).