كذا"، قال الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- ردًّا على هذا النظر ما نصّه: وهو ساقطٌ؛ لأن لفظ "أمر" أدلّ على المطلوب من صيغة "افعل"، كما تقرّر في الأصول، ولكن الذي يتوجّه على القول باقتضائه الوجوب على الأمة أنه لا يتمّ إلا على القول بأن خطابه -صلى اللَّه عليه وسلم- خطاب لأمته، وفيه خلاف معروفٌ، ولا شكّ أن عموم أدلّة التأسّي تقتضي ذلك، وقد أخرجه البخاريّ في "صحيحه" من رواية شعبة، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عبّاس بلفظ: "أُمرنا"، وهو دالٌّ على العموم. انتهى كلام الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: الأرجح في الأصول أن خطابه -صلى اللَّه عليه وسلم- خطاب لأمته، كعكسه، وإلى هذا أشرت بقولي:
[فإن قلت]: ظاهر قوله: "أُمر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-"، وكذا الرواية التالية: "أُمِرتُ أن أسجُد على سبعة أعظم"، يدلّ على الخصوصيّة، فمن أين يؤخذ أمر الأمة بذلك؟.
[قلت]: يؤخذ من الروايات الأخرى التي فسّرت أن المراد بأمره -صلى اللَّه عليه وسلم- ما يعمّه هو وأمته، فقد فسّره حديث العباس بن عبد المطّلب -رضي اللَّه عنه- الآتي في الباب، أنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إذا سجد العبد سجد معه سبعة أطراف. . . " الحديث، فقد بيّن أن الأمر عامّ له -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولأمته.
وكذا رواية البخاريّ لحديث ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- هذا من طريق شعبة، عن عمرو بن دينار بلفظ: "أُمرنا أن نسجد على سبعة أعظم. . . " الحديث، فتبيّن بهذا أن الخصوصيّة ليست مرادة هنا، واللَّه تعالى أعلم.
وقال في "الفتح" عند شرح رواية شعبة المذكورة ما نصّه: وعُرِف بهذا أن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- تلقّاه عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إما سماعًا منه، وإما بلاغًا عنه، وقد أخرجه مسلم من حديث العباس بن عبد المطلب -رضي اللَّه عنه- بلفظ: "إذا سجد العبد سجد