العبارة، وربما استُنْتِجَ من هذا أنه إذا سجد على الأنف وحده أجزأه؛ لأنهما إذا جُعلا كعضو واحد، كان السجود على الأنف كالسجود على بعض الجبهة، فيجزئ.
والحقّ أن مثل هذا لا يعارِض التصريح بذكر الجبهة والأنف؛ لكونهما داخلين تحت الأمر، وإن أمكن أن يُعتَقَد أنهما كعضو واحد من حيث العدد المذكور، فذلك في التسمية والعبارة، لا في الحكم الذي دَلّ عليه الأمر.
وأيضًا فإن الإشارة قد لا تُعَيِّن المشار إليه، فإنها إنما تتعلق بالجبهة، فإذا تفاوت ما في الجبهة أمكن أن لا يتعين المشار إليه يقينًا، وأما اللفظ فإنه مُعَيِّن لما وُضِع له، فتقديمه أولى. انتهى كلام ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد أجاد الإمام ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ- في تحقيق هذه المسألة، وأفاد.
وحاصل ما حقّقه أن السجود على هذه الأعضاء المذكورة في الحديث واجب؛ لأنها وردت بصيغة الأمر، والأمر للوجوب، وأما التفريق بين أجزائها، فيجب السجود على بعضها دون بعض، كما يقول الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في الجبهة، والحنفيّة في الجبهة أو الأنف، وكذا في سائر الأعضاء، فمخالف للنصوص، فلا يُلتفت إليه، فتبصّر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال: