للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصقليّ، صاحب كتاب "ما تلحن فيه العامّة" معروف عن الخليل، ومن تقدّم من أهل اللغة، وما توهّمه القاضي من كونه مخالفًا لما تقدّم ذكرُهُ وهَمٌ منه، فإن ذلك في مُقَدَّم، ومؤخَّر، بغير تاء التأنيث، والمراد به أنه لا يقال: "مُؤَخِّر السفينة"، وغيرها، و" مُقَدِّمُها" بالكسر، بل" مُؤَخَّرُها"، و" مقَدَّمُها" بالفتح والتشديد، وليس في ذلك تعرّض لمؤخِرة الرحل بتاء التأنيث، وهما نوعان، فاعلم ذلك، والله أعلم. انتهى كلام ابن الصلاح (١) وهو تحقيق جيد.

(فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ) يجوز في "معاذ" وجهان من الإعراب، أحدهما: الفتح، والضمّ، كما أشار إليه في "الخلاصة" بقوله:

وَنَحْوَ "زيدٍ" ضُمَّ وَافْتَحَنَّ مِنْ … نَحْوِ "أَزَيْدُ بْنَ سَعِيدٍ لَا تَهِنْ"

وَالضَّمُّ إِنْ لَمْ يَلِ الابْنُ عَلَمَا … أَوْ يَلِ الابْنَ عَلَمٌ قَدْ حُتِمَا

وحاصل المسألة أنه إذا كان المنادى مفردًا علمًا، ووُصف بابن "مضافٍ إلى علم، ولم يُفصَل بين المنادى وبين "ابن" جاز لك في المنادى وجهان: البناء على الضمّ، على الأصل؛ لأنه منادى مفرد علم، فتقول: "يا معاذُ بنَ جبل"، فتضم الذال، والفتح؛ إتباعًا، فتقول: "يا معاذَ بن جبل"، فتفتحها، ويجب حذف ألف "ابن" والحالة هذه خطًّا.

وأما إذا لَمْ يقع "ابن" بعد علم، نحو "يا غلامُ ابنَ عمرو"، أو لَمْ يقع بعده علمٌ، نحو "يا زيدُ ابنَ أخينا"، وجب ضمّ المنادي، وامتنع فتحه، ويجب إثبات ألف "ابن"، والحالة هذه (٢).

(قُلْتُ: لَبَّيْكَ) بفتحٍ اللام، تثنية "لَبّ"، ومعناه إجابةً لك بعد إجابة، وقيل: قربًا منك، وطاعة لك، وقيل: أنا مقيم على طاعتك، وقيل: محبتي لك، وقيل: غير ذلك.

وقال الخليل: لَبّ بالمكان: أقام به، حكاه عنه أبو عبيدة، قال الفرّاءُ: ومنه قولهم: لبيك: أي أنا مقيم على طاعتك، وكان حقَّه أن يقال: لبًّا لك، فثُنّي على معنى التأكيد، أي إلبَابًا لك بعد إلباب، وإقامةً بعد إقامة، قال


(١) "صيانة صحيح مسلم" ص ١٨٣ - ١٨٤.
(٢) راجع: "شرح ابن عقيل على الخلاصة مع حاشية الخضريّ" ٢/ ١١٦ - ١١٨.