للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مضارعيّة، وهو هنا قوله: (يَحُلُّهُ) زاد في رواية أبي داود: "وأقرّه الآخر"، وفي رواية أحمد السابقة: "فأقرّ له عبد اللَّه بن الحارث حتى فرغ من حَلِّه".

و"يَحُلّه" بضم الحاء المهملة، من حَلَّ الْعُقْدة، من باب نصر: إذا نقضها.

والمعنى: أن عبد اللَّه بن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- شرع ينقض شعر عبد اللَّه بن الحارث المضفور.

(فَلَمَّا انْصَرَفَ) أي سلّم عبد اللَّه بن الحارث من صلاته (أقبَلَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ) -رضي اللَّه عنهما- مستفسرًا سبب نقض شعره (فَقَالَ: مَا لَكَ وَرَأْسِي؟) "ما" استفهاميّة مبتدأ، خبره الجارّ والمجرور، و"ورأسي" الواو فيه واو المعيّة، و"رأسي" منصوب على أنه مفعول معه، أي أيّ شيء ثبت مع رأسي حتى تحُلّ ضفيرته؟.

(فَقَالَ) ابن عبّاس مبيّنًا دليله على ما صَنَعَ (إِنِّي) بكسر الهمزة؛ لوقوعها في الابتداء، كما قال في "الخلاصة":

فَاكْسِرْ فِي الابْتِدَا وَفِي بَدْءِ صِلَهْ … وَحَيْثُ "إِنَّ" لِيَمِينٍ مُكْمِلَهْ

(سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُولُ: "إِنَّمَا مَثَلُ) بفتحتين: أي صفة (هَذَا) المصلّي، وهو معقوص، فـ "مثل" مبتدأ خبره "مثلُ" بعده، وفي رواية أحمد: "مثل الذي يُصلّي، ورأسه معقوص من ورائه. . . ".

(مَثَلُ الّذِي يُصَلِّي، وَهُوَ مَكْتُوفٌ") أي مربوطةٌ يداه بحبل ونحوه، مشدودة إلى خلفه، وهو اسم مفعول من كَتَفَهُ يَكْتِفُهُ، من باب ضرب، وكِتَافًا بالكسر: إذا شدّ يديه إلى خلف كتفيه، مُوثَقًا بحبل ونحوه، وكَتَّفَه بالتشديد مبالغة (١).

وقال بعضهم: المشار إليه الوضع القائم، والشعر المعقوص، أي إنما مَثَلُ الذي يُصلي بهذا الوضع كمثل الذي يُصلي، وهو مكتوفٌ؛ لأن تكتيف جزء يشبه تكتيف جزء آخر، فتكتيف الشعر يشبه تكتيف اليدين. انتهى (٢).

وقال ابن الأثير -رَحِمَهُ اللَّهُ- في معنى الحديث: أراد أنه إذا كان شعره منشورًا سقط على الأرض عند السجود، فيُعطى صاحبه ثواب السجود به، وإذا كان معقوصًا صار في معنى ما لم يسجد، وشَبَّهه بالمكتوف، وهو المشدود اليدين؛


(١) راجع: "المصباح المنير" ٢/ ٥٢٥.
(٢) "فتح المنعم" ٣/ ٦٦.