قال الجامع عفا اللَّه عنه: بل الثاني هو الظاهر والأولى؛ لأننا قدّمنا أن المعنى الصحيح للاعتدال هنا هو وضع جميع أعضاء السجود في مواضعها المطلوبة شرعًا، فيكون عطف "ولا يبسط إلخ" عليه عطفَ ضدّ واحد من أضداد كثيرة؛ لمزيد العناية به، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.
وروى الترمذيّ بإسناد صحيح، عن جابر -رضي اللَّه عنه- أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"إذا سجد أحدكم فليعتدل، ولا يفترش ذراعيه افتراش الكلب"، قال الترمذيّ: حسن صحيح، قال: والعمل عليه عند أهل العلم يختارون الاعتدال في السجود، ويكرهون الافتراش كافتراش السبع. انتهى.
قال ابن العربىّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "شرحه": أراد به كون السجود عدلًا باستواء الاعتماد على الرجلين والركبتين واليدين والوجه، ولا يأخذ عضو من الاعتدال أكثر من الآخر، وبهذا يكون ممتثلًا لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم"، وإذا فرش ذراعيه فرش الكلب كان الاعتماد عليهما دون الوجه، فيسقط فرض الوجه. انتهى (١).
وقال ابن حجر الهيتميّ الفقيه -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فيكره ذلك لقبح الهيئة المنافية للخشوع إلا لمن أطال السجود حتى شقّ عليه اعتماد كفّيه، فله وضع ساعديه على ركبتيه؛ لحديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: اشتكى بعض أصحاب النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مشقةَ السجود عليهم، إذا تَفَرّجُوا، فقال:"استعينوا بالرُّكَب"، رواه أبو داود، والترمذيّ من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- موصولًا، ورُوي مرسلًا، قال البخاريّ والترمذيّ: إرساله أصحّ من وصله.
قال الترمذيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا حديث غريب، لا نعرفه من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا من هذا الوجه، من حديث الليث، عن ابن عجلان، وقد رَوَى هذا الحديثَ سفيان بن عيينة، وغير واحد، عن سُمَيّ، عن النعمان بن أبي عياش، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نحو هذا، وكأن رواية هؤلاء أصح من رواية الليث. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: الحديث موصولًا لا يصحّ؛ لأن ابن عجلان