المقصود هناك إظهار الاتحاد بين المصلين، حتى كأنهم جسد واحدٌ، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): وردت أحاديث تدلّ على مشروعيّة الاعتدال، التجافي والتفريج في السجود، وقد ساق المصنّف في هذا الباب، جملةً منها، فأخرج حديث أنس بن مالك، والبراء بن عازب، وعبد اللَّه بن مالك ابن بُحينة، وميمونة أم المؤمنين -رضي اللَّه عنهم-.
ويأتي له في الباب التالي حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-: "نَهَى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع".
ورَوَى الطبرانيّ وغيره من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- بإسناد صحيح، أنه قال:"لا تفترش افتراش السبع، وادَّعِمْ على راحتيك، وأبد ضَبْعَيك، فإذا فعلت ذلك سَجَدَ كلُّ عضو منك".
وأخرج الترمذيّ، وحسَّنه، من حديث عبد اللَّه بن أرقم:"صليتُ مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكنت أنظر إلى عُفْرَتي إبطيه إذا سجد".
ولابن خزيمة عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- رفعه:"إذا سجد أحدكم فلا يفترش ذراعيه افتراش الكلب، ولْيَضُمّ فخذيه".
وللحاكم من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- نحو حديث عبد اللَّه بن أرقم.
وعنه عند الحاكم:"كان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا سجد يُرَى وَضَحُ إبطيه"، وله من حديثه، رفعه:"إذا سجدت فضع كفيك، وارفع مِرْفَقيك"، وهو حديث البراء -رضي اللَّه عنه- الماضي عند المصنّف.
قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهذه الأحاديث مع حديث ميمونة -رضي اللَّه عنها- عند مسلم:"كان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يجافي يديه، فلو أن بُهَيمة أرادت أن تَمُرّ لمرّت"، مع حديث ابن بحينة المعلّق عند البخاريّ، وأخرجه مسلم هنا ظاهرها وجوب التفريج المذكور.
لكن أخرج أبو داود ما يدلّ على أنه للاستحباب، وهو حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، شكا أصحاب النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- له مشقة السجود عليهم، إذا انفرَجُوا، فقال:"استعينوا بالرُّكَب"، وترجم له:"الرخصة في ذلك" أي في ترك التفريج،