ما هو أصحّ منه، وما هنا كذلك، فتنبّه لهذه الدقائق، واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
[تنبيه]: رأيت للشيخ أحمد محمد شاكر في تعليقه على الترمذيّ كلامًا غريبًا، يُتعجّب منه، وذلك أن الترمذيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- قال:
(٢٦٣) حدّثنا قتيبة، حدّثنا الليث، عن ابن عجلان، عن سُمَيّ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: اشتكى بعض أصحاب النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مشقّةَ السجود عليهم، إذا تفرّجوا، فقال:"استعينوا بالركب". قال أبو عيسى: هذا حديث غريب، لا نعرفه من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا من هذا الوجه، من حديث الليث، عن ابن عجلان، وقد رَوَى هذا الحديثَ سفيانُ بن عيينة، وغير واحد، عن سُمَيّ، عن النعمان بن أبي عياش، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نحو هذا، وكأنّ رواية هؤلاء أصحّ من رواية الليث. انتهى. فعلّق أحمد شاكر على قوله:"وكأن رواية هؤلاء أصحّ من رواية الليث"، ما نصّه: لماذا؟، هؤلاء رووا الحديث عن سُميّ، عن النعمان مرسلًا، والليث بن سعد رواه عن سُميّ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة موصولًا، فهما طريقان مختلفان، يؤيّد أحدهما الآخر، ويَعضِده، والليث بن سعد ثقةٌ حافظٌ حجة، لا تردّد في قبول زيادته، وما انفرد به، فالحديث صحيحٌ. انتهى كلام ابن شاكر -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١). والغريب منه أنه تكلّم في الليث، وليس الكلام فيه، فإن الخلاف إنما جاء من ابن عجلان، فإنه الذي خالف ابن عيينة وغير واحد في روايتهم عن سُميّ، عن النعمان بن أبي عيّاش، مرسلًا، فرواه عن سُميّ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة موصولًا، فالمخالف هو ابن عجلان، فأخطأ ابن شاكر، فدافع عن الليث الذي ليس هو المقصود في الإعلال، ومعلوم أن ابن عجلان مضطرب في حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، فضعف وصل الحديث جاء من قبله، لا من قبل الليث، فتبصر، واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
[تنبيه آخر]: ذكر في "الفتح": أن الترمذيّ أخرج الحديث المذكور، ولم
(١) راجع: تعليق أحمد شاكر على "جامع الترمذيّ" ٢/ ٧٨.