للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال ابن العربيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- ما معناه: قوله: "تحليلها التسليم" يقتضي حصر الخروج عن الصلاة على التسليم دون غيره من سائر الأفعال والأقوال المناقضة للصلاة؛ لأنه ذكره بالألف واللام الذي هو باب شأنه التعريف كالإضافة، وحقيقة الألف واللام إيجاب الحكم لما ذُكر، ونفيه عما لم يُذكر، وسلبه منه، وعبَّر عنه بعضهم بأنه الحصر، وأبو حنيفة يخالف فيه، حيث إنه يرى الخروج منها بكلّ فعل وقول يضادّ الصلاة، كالحدث ونحوه؛ حملًا على السلام، وقياسًا عليه، وهذا يقتضي إبطال الحصر الذي بيّنّاه. انتهى (١).

(وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْرِ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ) الأحمر (وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عَقِبِ الشَّيْطَانِ) بفتح العين المهمَلة، وكسر القاف، هذا هو المشهور، وحُكِي ضمّ العين، وهو ضعيف، وهو بمعنى "عُقْبة الشيطان" المذكور في رواية إسحاق بن إبراهيم، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى)؛ حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

[تنبيه]: تقدّم أن بعضهم أعلّوا هذا الحديث بالانقطاع؛ لأن أبا الجوزاء لم يسمعه من عائشة -رضي اللَّه عنها-، قال جعفر الفريابيّ في "كتاب الصلاة": ثنا مُزاحم بن سعيد، ثنا ابن المبارك، ثنا إبراهيم بن طهمان، ثنا بُديل الْعُقيليّ، عن أبي الجوزاء، قال: أرسلت رسولأ إلى عائشة يسألها. . . فذكر الحديث، قالوا: ظاهر هذا أنه لم يشافهها.

لكن يُجاب عن المصنّف: بأنه لا مانع من جواز كونه توجّه إليها بعد ذلك، فشافهها به، ومذهبه الاكتفاء بالمعاصرة مع إمكان اللقيّ، وهذا متحقّق هنا.

ونقل في "المرعاة" عن "جامع الأصول" أنه قال: أبو الجوزاء سمع من عائشة (٢)، فإن صحّ هذا فقد زالت العلّة المذكورة، واللَّه تعالى أعلم بالصواب.


(١) راجع: "عارضة الأحوذي" ١/ ٣٨.
(٢) راجع: "المرعاة شرح المشكاة" ٣/ ١٠.