للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كما يفرش الكلب وغيره من السباع، وأما تفسيرها بافتراش القدمين، والجلوس بالأليتين على العقبين فغلطٌ؛ لأنه سنة ثابتة عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، كما رواه مسلم وغيره.

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قولها: "وكان ينهى عن عقبة الشيطان" هو الإقعاء الذي فَسَّرناه، وهو مكروه باتفاق العلماء بهذا التفسير الذي ذكرناه، وأما الإقعاء الذي ذكره مسلم بعد هذا، في حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- أنه سنة، فهو غير هذا، كما سنفسره في موضعه -إن شاء اللَّه تعالى- انتهى (١).

(وَيَنْهَى أَنْ يَفْتَرِشَ الزَجُلُ ذِرَاعَيْهِ) أي يبسطهما في حال السجود، قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: التقييد بالرجل يدلّ على أن المرأة تفترش. انتهى. (افْتِرَاشَ السَّبُعِ) أي كافتراشه، ولا حاجة لتفسير السبع بالكلب؛ لأن هذه الصفة تعمّ الكلب، وغيره من السباع، ووروده في بعض الرواية بلفظ الكلب ليس للتقييد، بل للتمثيل والتنبيه بذكر بعض الأنواع.

وافتراش السبع هو أن يضع ذراعيه على الأرض في السجود، ويُفضي بمرفقيه وكفّيه إلى الأرض، والسنّة أن يرفع ذراعيه، ويكون الموضوع على الأرض هو الكفّ فقط، نعم إن طال عليه السجود، فتضرّر به، فله الاعتماد بمرفقيه على فخذيه؛ لما تقدّم من أن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- شكوا إليه مشقّة السجود، فقال: "استعينوا بالرُّكب"، وقد سبق أن الأرجح إرساله، لكن المرسل في مثل هذا يُعمل به؛ للمشقّة؛ لأن المرسل حجة عند بعض العلماء مطلقًا، وعند بعضهم بشروط، وهو الصحيح، كما أوضحت بيان ذلك في "شرح المقدّمة"، فراجعه تستفد، وباللَّه تعالى التوفيق.

(وَكَانَ يَخْتِمُ الصَّلَاةَ بِالتَّسْلِيمِ") أي تسليم الخروج، واستُدلّ به على تعيّن التسليم للخروج من الصلاة؛ اتّباعًا لمواظبته -صلى اللَّه عليه وسلم- عليه، ولقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وتحليلها التسليم"، وهو حديث صحيح، أخرجه أحمد، وأصحاب السنن، غير النسائيّ، فإن الإضافة تقتضي الحصر، فكأنه قال: جميع تحليلها التسليم، أي انحصرت صحّة تحليلها في التسليم، لا تحليل لها غيره.


(١) "شرح النوويّ" ٤/ ٢١٥.