للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَكَانَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (يَقُولُ) أي يقرأ (فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) أي بعدهما (التَّحِيَّةَ) بالنصب على المفعوليّة، قال القاري: وقيل: بالرفع، أي "التحيّات إلخ"، قال: ولا يبعد أن يكون "التحيّة" مبتدأ خبره "في كلّ ركعة". انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: بُعد هذا الوجه مما لا يخفى، فتأمله، واللَّه تعالى أعلم.

والمعنى: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم - كان يتشهّد في كلّ ركعتين بقوله: "التحيّات للَّه إلخ".

وسُمّي هذا الذكر تحيّةً؛ لاشتماله على التحيّة، وهو الثناء الحسن، وتشهّدًا؛ لاشتماله على الشهادتين.

(وَكَانَ يَفْرِشُ) بضمّ الراء، وكسرها، والضمّ أشهر، أي يبسطها، يقال: فرشتُ البساطَ وغيره فَرْشًا، من باب نصر، وفي لغة من باب ضرب: بسطته، وافترشته، فافترش هو (١). (رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَيَنْصِبُ) بفتح أوله، وكسر ثالثه، أي يُقيمها، يقال: نصبتُ الخشبةَ نصبًا، من باب ضرب: أقمتها (٢). (رِجْلَهُ الْيُمْنَى) يعني أنه يضع أصابعها على الأرض، ويرفع عقبها.

واستدلّ به من قال بمشروعيّة النصب والفرش في التشهّدين جميعًا، ووجهه الإطلاق، وعدم التقييد في مقام التصدّي لوصف صلاته -صلى اللَّه عليه وسلم-، لا سيّما بعد وصفها للذكر المشروع في كلّ ركعتين.

وتُعُقّب ذلك بأن حديث أبي حميد الساعديّ -رضي اللَّه عنه- في عشرة من أصحاب النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، زيادة تفصيل، فإنه فرّق بين الجلوسين، فجعل الافتراش في التشهّد الأول، والتورّك في التشهّد الثاني، فيلزم العمل به.

وحاصله أن حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- فيه إجمال، وحديث أبي حميد -رضي اللَّه عنه- فيه تفصيل، أو يُحمل حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- على أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- فعله فيهما لبيان الجواز، وسيأتي البحث في ذلك مستوفًى في محلّه -إن شاء اللَّه تعالى-.

(وَكَانَ يَنْهَى) بفتح أوله وثالثه: أي يمنع (عَنْ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ) بضم العين المهملة، وسكون القاف، فموحّدة، فسّرها أبو عبيد وغيره بالإقعاء المنهيّ عنه، وهو أن يُلصق أليتيه بالأرض، وينصب ساقيه، ويضع يديه على الأرض،


(١) راجع: "المصباح المنير" ٢/ ٤٦٨.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٦٠٧.