قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: قد تقدّم أيضًا تحقيق هذه المسألة مستوفًى في محلّه، فراجعه هناك، وباللَّه تعالى التوفيق.
٤ - (ومنها): أن السنة للراكع أن يُسَوِّي ظهره بحيث يستوي رأسه ومؤخره.
٥ - (ومنها): أن فيه وجوب الاعتدال إذا رفع من الركوع، وأنه يجب أن يستوي قائمًا؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- للمسيء صلاته:"ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا"، وأمره للوجوب، وكان -صلى اللَّه عليه وسلم- يواظب على الجلوس بين السجدتين، وقال:"صلُّوا كما رأيتموني أصلي".
٦ - (منها): وجوب الجلوس بين السجدتين، لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- للمسيء صلاته:"ثم ارفع حتى تطمئنّ جالسًا"، وأمره للوجوب، ولمواظبته عليه.
٧ - (ومنها): أن قولها: "وكان يقول في كل ركعتين التحية" فيه حجة لأحمد بن حنبل، ومن وافقه من فقهاء أصحاب الحديث، أن التشهد الأول والأخير واجبان، وقال مالك، وأبو حنيفة رحمهما اللَّه والأكثرون: هما سنّتان، ليسا واجبتين، وقال الشافعي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الأول سنّة، والثاني واجب.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: ما قاله الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللَّهُ-، ومن وافقه من وجوب التشهّدين جميعًا هو الحقّ؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فإذا قعد أحدكم في الصلاة، فليقل التحيات للَّه"، متّفقٌ عليه، والأمر للوجوب، ولحديث الباب، مع قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صلُّوا كما رأيتموني أصلي"، ولما أخرجه مسلم من حديث ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما-: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعلّمنا التشهد كما يعلّمنا السورة من القرآن".
وأما احتجاج الأكثرين بأن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم - ترك التشهد الأول وجبره بسجود السهو، ولو وجب لم يصحّ جبره كالركوع وغيره من الأركان.
فجوابه أن جبره بالسجود لا يستلزم عدم الوجوب، وإنما غايته أنه مما لا يُبطل الصلاة تركه، فتبصّر.
وأما قولهم: إنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يعلّمه الأعرابي حين علّمه فروض الصلاة.
فجوابه أن الواجبات ليست منحصرة في حديث المسيء صلاته، فالمعروف عند أهل العلم أن كلّ ما ذُكر في ذلك التعليم، واجب، ولا عكس، فكلّ ما دلّ عليه دليل الوجوب من صيغة الأمر أو نحوه يزاد على ذلك التعليم،