للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأما ما رواه الإمام أحمد في مسائل ابنه عبد اللَّه عنه (ص ٧١) عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- أنه كان يأمر نساءه يتربّعن في الصلاة، فلا يصحّ؛ لأن فيه عبد اللَّه بن عمر العمري، وهو ضعيف (١).

والحاصل أن المرأة في هيئة الصلاة كالرجل فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.

٩ - (ومنها): أن قولها: "وكان يختم الصلاة بالتسليم" فيه دليلٌ على وجوب التسليم، فإنه صحّ قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وتحليلها التسليم"، وقد قدّمنا أنه يفيد الحصر، فلا خروج منها إلا بالتسليم، هذا مع مواظبته -صلى اللَّه عليه وسلم- على الخروج منها به، وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صَلُّوا كما رأيتموني أصلي".

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: واختَلَف العلماء فيه، فقال مالك، والشافعيّ وأحمد -رحمهم اللَّه تعالى- وجمهور العلماء من السلف والخلف: السلام فرضٌ، ولا تصح الصلاة إلا به، وقال أبو حنيفة، والثوريّ، والأوزاعي -رحمهم اللَّه تعالى-: هو سنة، لو تركه صحّت صلاته، قال أبو حنيفة: لو فَعَلَ منافيًا للصلاة من حدَث، أو غيره في آخرها صحّت صلاته، واحتج بأن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يعلّمه الأعرابيّ في واجبات الصلاة حين علّمه واجبات الصلاة، واحتَجّ الجمهور بما ذكرناه، وبالحديث الآخر في سنن أبي داود والترمذيّ: "مفتاحُ الصلاة الطهور، وتحليلُها التسليم".

قال الجامع عفا اللَّه عنه: واحتّج ابن حزم بحديث: "وإذا شَكّ أحدكم في صلاته، فليتحرَّ الصواب، فليتمّ عليه، ثم لْيُسَلِّم، ثم يسجدْ سجدتي السهو". متّفق عليه، قال: فقد أمره -صلى اللَّه عليه وسلم- بالتسليم من كلّ صلاة، وأمره -صلى اللَّه عليه وسلم- فرض. انتهى كلامه باختصار (٢)، وهو احتجاج قويّ.

قال: ومذهب الشافعيّ، وأبي حنيفة، وأحمد، والجمهور -رحمهم اللَّه تعالى- أن المشروع تسليمتان، ومذهب مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ- في طائفة: المشروع تسليمةٌ، وهو قولٌ ضعيفٌ عن الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، ومن قال بالتسليمة الثانية، فهي عنده سنةٌ، وشذّ بعض الظاهرية، والمالكية، فأوجبها، وهو ضعيفٌ، مخالف


(١) راجع: "صفة صلاة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-" للشيخ الألبانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (ص ١٥١).
(٢) راجع: "المحلّى" ٣/ ٢٧٥.