للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رأسه استوى حتى يعود كل فَقَار مكانه، فإذا سجد وضع يديه، غير مفترش، ولا قابضِهما، واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة، فإذا جلس في الركعتين، جلس على رجله اليسرى، ونصب اليمنى، وإذا جلس في الركعة الآخرة، قَدَّم رجله اليسرى، ونصب الأخرى، وقعد على مَقْعَدته"، وهذا الحديث لم يُخرجه مسلم.

فقد نصّ فيه أن الصلاة التي فيها تشهّدان، فالجلوس للأول بالافتراش، وللثافي بالتورّك، وأما الصلاة التي ليس فيها تشهّدان فتبقى على حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-، فتأمله بالإنصاف، واللَّه تعالى أعلم.

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وجلوس المرأة كجلوس الرجل، وصلاة النفل كصلاة الفرض في الجلوس، هذا مذهب الشافعيّ ومالك -رحمهما اللَّه تعالى- والجمهور، وحَكَى القاضي عياض عن بعض السلف أن سنة المرأة التربُّع، وعن بعضهم التربع في النافلة، والصواب الأول، ثم هذه الهيئة متساوية، فلو جلس في الجميع مفترشًا، أو متوركًا، أو متربعًا، أو مُقْعِيًا، أو مادًّا رجليه صحَّت صلاته، وإن كان مخالفًا. انتهى كلام النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد سبق أن القول بالتفرقة بين الرجال والنساء في هيئة الصلاة مما لم يصحّ عليه دليلٌ من الكتاب أو السنّة، بل كلّ ما صحّ من صفة صلاة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قولًا أو فعلًا فإنه يشمل الرجال والنساء، فقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صلُّوا كما رأيتموني أصلّي" يشملهما جميعًا.

وقد أخرج ابن أبي شيبة في "مصنّفه" بإسناد صحيح عن إبراهيم النخعيّ أنه قال: تفعل المرأة في الصلاة كما يفعل الرجل.

وروى البخاريّ في "التاريخ الصغير" (٢) بسند صحيح، وعلّقه في "الصحيح" بصيغة الجزم، عن أم الدرداء، أنها كانت تجلس في صلاتها جِلْسة الرجل، وكانت فقيهة.

وأما حديث انضمام المرأة في السجود، وأنها ليست في ذلك كالرجل، فهو مرسل لا يصحّ، رواه أبو داود في "المراسيل" عن يزيد بن أبي حبيب.


(١) "شرح النوويّ" ٤/ ٢١٤.
(٢) راجع: "التاريخ الصغير" (ص ٩٥).