للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: والأول أظهر، وأشبه بظواهر النصوص، والْعَنَزَة ونحوها لا تكفّ النظر. انتهى (١).

٦ - (ومنها): أنه استَدَلّ القاضي عياض بهذا الحديث على أن الخط بين يدي المصلي لا يكفي، قال: وإن كان قد جاء به حديث، وأخذ به أحمد بن حنبل -رَحِمَهُ اللَّهُ-، فهو ضعيف.

واختُلِف فيه، فقيل: يكون مُقَوَّسًا، كهيئة المحراب، وقيل: قائمًا بين يدي المصلي إلى القبلة، وقيل: من جهة يمينه إلى شماله، قال: ولم يَرَ مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ-، ولا عامة الفقهاء الخطّ. انتهى كلام القاضي -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وحديث الخط رواه أبو داود، وفيه ضَعْفٌ، واضطرابٌ، واختَلَف قول الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- فيه، فاستحبَّهُ في "سنن حرملة"، وفي القديم، ونفاه في البويطيّ، وقال جمهور أصحابه باستحبابه، وليس في حديث مؤخرة الرحل دليل على بطلان الخط. انتهى كلام النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الراجح عندي ما ذهب إليه القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-، من أن الخطّ لا يكفي في السترة؛ لأن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَيَّنَ مقدار السترة المشروعة لَمّا سُئل عنها، فلو كان يكفي أقلّ من ذلك، كالخطّ لبينه، فاتّضح بذلك أن ما كان أقلّ من مؤخرة الرحل لا يُعتَبرُ سُترة شرعيّةً، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.

[تنبيه]: حديث الخطّ هو ما أخرجه أبو داود في "سننه"، فقال:

(٦٨٩) حدّثنا مسدد، حدّثنا بشر بن المفضَّل، حدَّثنا إسماعيل بن أمية، حدَّثني أبو عمرو بن محمد بن حُريث، أنه سمع جدَّه حُريثًا يحدث عن أبي هريرة، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا صَلَّى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئًا، فإن لم يجد فلينصب عصًا، فإن لم يكن معه عصًا فليخطط خطًّا، ثم لا يضرّه ما مرَّ أمامه".

وأخرجه أحمد، وابن ماجه، وابن حبّان في "صحيحه"، والبيهقيّ، وذكر أبو داود عن ابن عيينة قال: لم نجد شيئًا نشدّ به هذا الحديث، ولم يجئ إلا من هذا الوجه.


(١) "فتح الباري" لابن رجب ٤/ ٢٢.
(٢) "شرح النووي" ٤/ ٢١٦ - ٢١٧.