للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا اللَّه عنه: أشار ابن عيينة إلى ضعف هذا الحديث، وأنه لا متابع، ولا شاهد له يقؤيه، وكذا ضعّفه الشافعيّ، والبغويّ، وغيرهم.

والحاصل أنه حديث ضعيف؛ لاضطرابه، ولجهالة أبي محمد بن عمرو بن حُريث، وجدّه، فلا يصلح للاحتجاج به.

وأما ما ردّ به الحافظ قول ابن عيينة: "لم نجد شيئًا نشُدّ به هذا الحديث إلخ"، في "نكته على ابن الصلاح" (٢/ ٧٧٣) بأن الطبرانيّ! رواه من حديث أبي موسى الأشعريّ -رضي اللَّه عنه-، وفي إسناده أبو هارون العبديّ، وهو ضعيف. انتهى.

فمما لا يُلتَفَت إليه؛ لأن أبا هارون هذا لا يُعتبر به، ففي "التقريب": عُمَارة بن جُوَين -مصغَّرًا- أبو هارون العبديّ مشهور بكنيته، متروكٌ، ومنهم من كذّبه، شيعيّ من الرابعة. انتهى.

فكيف ساغ له أن يردّ برواية هذا المتروك، بل المكذّب قول ابن عيينة المذكور؟ إن هذا لشيء عجيب غريب من الحافظ، ومثلُ هذا أيضًا تحسينه هذا الحديث في "بلوغ المرام" ليس مما ينبغي.

والحاصل أن حديث الخطّ لا يصحّ، ولا يثبت، فتبصّر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد.

وقد استوفيت البحث في هذا في "شرح النسائيّ"، فراجعه تجد علمًا جمًّا (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم اتّخاذ السترة:

ذهب الأكثرون إلى استحباب اتّخاذها للمصلّي، وإن كان في فضاء.

ورخّصت طائفة من العلماء لمن صلّى في فضاء أن يُصلّي إلى غير سترة، منهم الحسن، وعروة، وكان القاسم، وسالم يصلّيان في السفر إلى غير سترة، وروي عن الإمام أحمد نحوه، نقله عنه الأثرم وغيره، وهو أيضًا مذهب مالك.

ورخّصت طائفة في الصلاة إلى غير سترة مطلقًا، رُوي عن الشعبيّ، قال: لا بأس أن يصلّي إلى غير سترة، وقال ابن سيرين: قلتُ لعبيدة: ما يستر


(١) "ذخيرة العقبى" ٩/ ١٧٢ - ١٧٧.