يديه، أو نَصَب بين يديه حَرْبةً، أو عصى، أو عَرَض البعير، فصلى إليه، أو جعل رَحْله بين يديه، وسئل أحمد: يصلي الراحل إلى سترة في الحضر والسفر؟ قال: نعم، مثل مؤخرة الرحل، ولا نعلم في استحباب ذلك خلافًا. انتهى (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: الحقّ ترجيح القول بوجوب اتّخاذ السترة، لقوّة أدلّته، وقد تقدّم البحث فيه مستوفًى في شرح حديث طلحة بن عبيد اللَّه -رضي اللَّه عنه-، فراجعه تستفد، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم هل سترة الإمام سترة لمن خلفه أم لا؟:
قال ابن قُدامة -رَحِمَهُ اللَّهُ- ما حاصله: سترة الإمام سترة لمن خلفه، نَصّ على هذا أحمد، وهو قول أكثر أهل العلم، كذلك قال ابن المنذر، وقال الترمذيّ: قال أهل العلم: سترة الإمام سترة لمن خلفه، قال أبو الزناد: كلُّ من أدركت من فقهاء المدينة الذين يُنْتَهَى إلى قولهم: سعيد بن المسيّب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وخارجة بن زيد، وعبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، وسليمان بن يسار، وغيرهم يقولون: سترة الإمام سترة لمن خلفه.
ورُوي ذلك عن ابن عمر، وبه قال النخعيّ، والأوزاعيّ، ومالك، والشافعيّ، وغيرهم.
وذلك لأن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- "صَلَّى إلى سترة"، ولم يأمر أصحابه بنصب سترة أخرى، وفي حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال:"أقبلت راكبًا على حمارٍ أَتَانٍ، والنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي بالناس بمنى إلى غير جدارٍ، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت، فأرسلت الأتان تَرْتَع، فدخلت في الصفّ، فلم يُنْكِر عليّ أحدٌ"، متّفقٌ عليه.
ومعنى قولهم: سترةُ الإمام سترة لمن خلفه، أنه متى لم يَحُلْ بين الإمام وسترته شيء، يقطع الصلاة فصلاة المأمومين صحيحة، لا يضرُّها مرور شيء