أنه صالح في المتابعة، فقد وثّقه الأئمة: أحمد، وابن معين، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والنسائيّ، وغيرهم، وإنما قالوا اختلطت عليه أحاديث سعيد المقبريّ، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، وهذه ليست منها.
والحاصل أن زيادة سليمان هذه، أعنى قوله:"إلى شيء يستره"، صحيحة بلا ريب، كما هو رأي الشيخين، حيث أخرجاها في "صحيحيهما"، وقد رواها ثلاثة من الثقات: سليمان بن المغيرة، عن حُميد بن هلال، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، وداود بن قيس، وابن عجلان، كلاهما عن زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
شرح الحديث:
عن حُميد بن هلال: أنه (قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا) تقدّم الكلام على "بينما"، و"بينا" غير مرّة، وخلاصته أن أصلهما "بين" الظرفيّة، زيدت عليها "ما"، فصارت "بينما"، أو أُشبعت الفتحة، فصارت "بينا"، وهما ظرفا زمان بمعنى المفاجأة، ويُضافان إلى جملة من فعل وفاعل، ومبتدأ وخبر، ويحتاجان إلى جواب يتمّ به المعنى، وكثيرًا ما يُقرن جوابهمابـ "إذ"، أو "إذا"، نحو: بينما زيد جالسٌ إذ دخل عليه عمرو، أو إذا دخل عليه عمرو، ومنه قول [من الطويل]:
وبعضهم يقول: الأفصح في جوابها أن لا تُقرن بهما، لكن المسموع في الأحاديث الصحيحة، وكلام العرب كثير، واللَّه تعالى أعلم (١).
(وَصَاحِبٌ لِي نَتَذَاكَرُ حَدِيثًا) أي نتدارسه، ويذكّر بعضنا بعضًا (إِذْ قَالَ أَبُو صَالِحٍ)"إذ" هي الفجائيّة، أي فاجأني قول أبي صالح (السَّمَّانُ) واسمه ذكوان، كما سَبق آنفًا (أنَا أُحَدِّثُكَ) بكسر الدال المشدّدة، من التحديث (مَا) موصول بمعنى الذي، أو موصوف بمعنى شيئًا، منصوب على المفعوليّة (سَمِعْتُ) بحذف العائد؛ لكونه فضلةً، كما قال في "الخلاصة":