للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢ - (ومنها): ما كان عليه الصحابة -رضي اللَّه عنهم- من التسابق في اقتفاء آثار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلا يرونه يصلي في موضع إلا صلّوا فيه، ولا ينزل في مكان إلا نزلوا فيه؛ عملًا بقوله عزَّ وجلَّ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الأحزاب: ٢١] الآية.

٣ - (ومنها): ما قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وفي هذا أنه لا بأس بإدامة الصلاة في موضع واحد، إذا كان فيه فضلٌ، وأما النهي عن إيطان الرجل موضعًا من المسجد يلازمه، فهو فيما لا فضل فيه، ولا حاجة إليه، فأما ما فيه فضل، فقد ذكرناه، وأما من يحتاج إليه لتدرشى عليم، أو للإفتاء، أو سماع الحديث، ونحو ذلك، فلا كراهة فيه، بل هو مستحبٌّ؛ لأنه من تسهيل طُرُق الخير، وقد نقل القاضي -رَحِمَهُ اللَّهُ- خلاف السلف في كراهة الإيطان لغير حاجة، والاتفاق عليه لحاجة، نحو ما ذكرناه. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الحديث الذي أشار إليه هو عن عبد الرحمن بن شِبْل أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "نَهَى عن ثلاث: عن نَقْرة الغراب، وافتراش السبع، وأن يُوَطِّن الرجل المقام للصلاة، كما يوطن البعير"، وهو حديث حسنٌ، أخرجه الإمام أحمد، وأصحاب السنن، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[١١٤١] (. . .) - (حَدَّثَنَاه (١) مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا (٢) مَكِّيٌّ، قَالَ: يَزِيدُ أَخْبَرَنَا، قَالَ: كَانَ سَلَمَةُ يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَ الْأُسْطُوَانَةِ (٣) الَّتِي عِنْدَ الْمُصْحَفِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا مُسْلِمِ، أَرَاكَ تَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَ هَذِهِ الْأُسْطُوَانَةِ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَهَا).


(١) وفي نسخة: "حدّثنا".
(٢) وفي نسخة: "أخبرنا".
(٣) وفي نسخة: "عند هذه الأسطوانة".