(يُسَبِّحُ فِيهِ) بالبناء للفاعل، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: المراد بالتسبيح صلاة النافلة. انتهى. (وَذَكَرَ) أي سلمة -رضي اللَّه عنه- لَمّا ساله يزيد بن أبي عبيد، ففي الرواية التالية:"قال: كان سلمة يتحزَى الصلاة عند الأسطوانة التي عند المصحف، فقلت له: يا أبا مُسلم أراك تتحرى الصلاة عند هذه الأسطوانة؟ قال: رأيت النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يتحرى الصلاة عندها.
(أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَانَ يَتَحَرَّى) أي يقصد (ذَلِكَ الْمَكَانَ) وفي نسخة: "ذاك المكان"، يعني الذي فيه المصحف، قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا دالّ على أنه كان للمصحف موضع خاصّ به، قال: ووقع عند مسلم بلفظ: "يُصلي وراء الصندوق" (١)، وكأنه كان للمصحف صندوق يوضع فيه.
(وَكَانَ بَيْنَ الْمِنْبَرِ وَالْقِبْلَةِ قَدْرُ مَمَرِّ الشَّاةِ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: المراد بالقبلة الجدار، وإنما أُخِّر المنبر عن الجدار؛ لئلا ينقطع نظر أهل الصف الأول، بعضِهِم عن بعض. انتهى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث سلمة بن الأكوع -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٥١/ ١١٤٠ و ١١٤١](٥٠٩)، و (البخاريّ) في "الصلاة" (٥٠٢)، و (ابن ماجه) فيها (١٤٣٠)، و (أحمد) في "مسنده" (٤/ ٦٢ و ٦٨)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (١٧٦٣ و ٢١٥٢)، و (الطبرانيّ) في "الكبير" (٦٢٩٩)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٢/ ٢٧١)، و (أبو عوانة)(١٤٣٥ و ١٤٣٦)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (١١٢٣ و ١١٢٤)، واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان المسافة التي تكون بين المصلي وبين سترته، وهو مقدار ممرّ الشاة.
(١) عزاه في "الفتح" ١/ ٦٨٨ بهذا اللفظ إلى مسلم، ولم أجده فيه، إلا أن يكون مصحّفًا من الأسطوانة الآتية في الرواية التالية، فليُنظر، واللَّه تعالى أعلم.