للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ عَائِشَةَ) -رضي اللَّه عنها- (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- "كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ) "من" بمعنى "في"، أي في الليل، ويَحْتَمِل أن تكون للتبعيض، أي بعض الليل (وَأَنَا مُعْتَرِضَةٌ) جملة حاليّة من الفاعل، والرابط الواو، والضمير في "بينه قال ابن الملك: الاعتراض صيرورة الشيء حائلًا بين شيئين، ومعناه هنا مضطجعة (بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، كَاعْتِرَاضِ الْجَنَازَةِ") بفتح الجيم وكسرها، والكسر أفصح، وقال الأصمعيّ، وابن الأعرابيّ: بالكسر الميت نفسه، وبالفتح السرير، ورَوَى أبو عُمَر الزاهد عن ثعلب عكس هذا، فقال: بالكسر السرير، وبالفتح الميت نفسه، وهو مأخوذ من جَنَزُت الشيءَ أَجْنِزُهُ، من باب ضرب: إذا سترته، أفاده الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

وقال في "القاموس": جَنَزَه يَجْنِزُهُ: ستره وجمعه، والْجِنَازة: الميتُ، ويُفْتَحُ، أو بالعكس: الميتُ، وبالفتح: السرير، أو عكسه، أو بالكسر: السرير مع الميت. انتهى (٢).

والمراد أنها تكون نائمة بين يديه من جهة يمينه إلى جهة شماله كما تكون الجنازة بين يدي المصلّي عليها.

والحديث استدلّت به عائشة -رضي اللَّه عنها- والجمهور بعدها على أن المرأة لا تقطع صلاة الرجل؛ لأنها إذا كانت لا تقطع في حالة كونها معترضةً مضطجعةً، وهذه الحالة أقوى من المرور، ففي المرور بالأَولى.

وفيه أنه ليس فيما ذكرت مرور امرأة بين يدي المصلي، ومجمل حديث: "يقطع الصلاة المرأة إلخ" هو المرور، قال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لا دلالة في حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- أنها مرّت بين يديه، وقال ابن بطّال -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا الحديث وشبهه من الأحاديث التي فيها اعتراض امرأة بين المصلّي وبين قبلته تدلّ على جواز القعود، لا على جواز المرور. انتهى.

لا يقال: إن قولها: "أنسلّ انسلالًا" صريحٌ في المرور، فإن الانسلال هو المرور؛ لأن المرور المتنازع فيه هو أن يمُرّ المارّ بين يدي المصلّي


(١) راجع: "المصباح المنير" ١/ ١١١.
(٢) "القاموس المحيط" ٢/ ١٧٠.