معترضًا، لا أن يمشي ذاهبًا لجهة القبلة، أو لجهة الرجلين، ولم يتحقّق هنا إلا المضيّ إلى جهة الرجلين كما يدلّ عليه قولها:"فأنسلّ من عند رجليه".
وأما ما قيل: من أن اعتراض المرأة أشدّ من المرور، فإذا لم يقطع الصلاة الاعتراض، لا يقطع المرور أيضًا بالأولى، ففيه أن الظاهر أن حصول التشويش بالمرأة من جهة الحركة والسكون، وعلى هذا فمرورها أشدّ من اعتراضها، واضطجاعها وجلوسها.
وفي رواية النسائيّ في هذا الحديث:"فإذا أردت أن أقوم كرهت أن أقوم، فأمرّ بين يديه، انسللت انسلالًا"، فالظاهر أن عائشة -رضي اللَّه عنها- إنما أنكرت إطلاق كون المرأة تقطع الصلاة في جميع الحالات لا المرور بخصوصه.
وأما إنكارها على من ذكر المرأة مع الكلب والحمار فيما يقطع الصلاة مع أنها روت الحديث عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بلفظ:"لا يقطع صلاة المسلم إلا الحمار، والكافر، والكلب، والمرأة"، فقالت عائشة: يا رسول اللَّه، لقد قُرِنَّا بدوابّ سوء"، أخرجه أحمد (١).
فيحتمل أنها نسيت حديث القطع عند الإنكار، ويمكن أن يكون عندها معنى القطع بمرور المرأة فيما روت هو قطع الخشوع بمرورها.
وأما حديث الاعتراض فذكرته للردّ على من قال بقطع الصلاة بالمرأة بمعنى إبطالها بالكليّة.
وقيل: أنكرت كون الحكم باقيًا هكذا، فلعلّها ترى نسخه.
وقد أخرج البخاريّ عن ابن أخي ابن شهاب أنه سأل عمّه عن الصلاة يقطعها شيء؟ فقال: لا يقطعها شيء، أخبرني عروة بن الزبير، أن عائشة زوج النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قالت: "لقد كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقوم، فيصلي من الليل، وإني لمعترضة بينه وبين القبلة، على فراش أهله".
قال في "الفتح": ووجه الدلالة من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- الذي احتَجّ به ابن شهاب أن حديث: "يقطع الصلاة المرأة. . . إلخ" يَشْمَل ما إذا كانت مارّةً، أو قائمةً، أو قاعدةً، أو مضطجعةً، فلما ثبت أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى، وهي مضطجعة