كلامهم يَشْغَل المصلي، وكان ابن عمر لا يصلي خلف رجل يتكلم إلا يوم الجمعة. انتهى (١).
٤ - (ومنها): أنه استدلت به عائشة -رضي اللَّه عنها-، وكذلك أكثر العلماء بعدها على أن المرأة لا تقطع صلاة الرجل، لكن قد عرفت أن القول بقطعها هو الحقّ؛ لصريح حديث أبي ذرّ -رضي اللَّه عنه- وغيره:"يقطع الصلاة المرأة، والحمار، والكلب الأسود"، فارجع إلى ما أسلفناه من التحقيق، واللَّه تعالى وليّ التوفيق.
٥ - (ومنها): ما قاله العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: في قول عائشة -رضي اللَّه عنها-: "وأنا معترضة بينه وبين القبلة كاعتراض الجنازة" ما يوهم أنه مخالف لقولها في الحديث الآتي: "ورجلاي في قبلته"، فإن ظاهره أن رجليها كانتا لجهة القبلة، وقد يُجْمَع بينهما بأن المراد بقولها:"ورجلاي في قبلته" أنه كان مستقبل أسفلها، وإن كانت معترضة، ولا يلزم أن يستقبل أسفل رجليها، ويَحْتَمل أن يقال: كان مرةً كذا، ومرةً كذا، لكن الأول أولى؛ لأن قوله في رواية البخاريّ:"على الفراش الذي ينامان عليه" يدلّ على أنها كانت معترضة بين يديه؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان ينام على شقه الأيمن، مستقبل القبلة بوجهه، فدلّ على أنه لم تكن جهة أرجلهما إلى القبلة، واللَّه تعالى أعلم. انتهى كلام العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وهو بحث نفيسٌ.
٦ - (ومنها): ما قال في "الطرح": إن بعضهم أجاب عن حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- بأنه ليس فيه مرور، وإنما يقطع المرورُ بين يدي المصلي، وأما كون المرأة كالسترة للمصلي فلا تقطع الصلاة، وإنما كرهه بعضهم، قال ابن بطال: كَرِه كثير من أهل العلم أن تكون المرأة سترة للمصلي، قال مالك في "المختصر": ولا يستتر بالمرأة، وأرجو أن تكون السترة بالصبي واسعة، قال: وقال الشافعيّ: لا يستتر بامرأة ولا دابة.
وأشار ابن عبد البرّ إلى أن مرور المرأة أخفّ من الصلاة إليها، فقال في "التمهيد": وكيف تقطع الصلاة بمرورها، وفي هذا الحديث أن اعتراضها في القبلة نفسها لا يضرّ؟.