للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأخرج مسلم عن جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما-، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لكل نبي دعوة قد دعا بها في أمته، وخبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة".

قال ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: والمراد من هذه الأحاديث -واللَّه أعلم- أن كلّ نبيّ أُعطي دعوة عامّة شاملة لأمته، فمنهم من دعا على أمته المكذّبين له، فهلكوا، ومنهم سأل كثرتهم في الدنيا، كما سأله سليمان -عليه السلام-، واختصّ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بأن ادّخر تلك الدعوة العامّة الشاملة لأمته شفاعةً لهم يوم القيامة.

وقد ذكر بعضهم شفاعة خامسة خاصّة بالنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهي شفاعته في تخفيف عذاب بعض المشركين، كما شفع لعمه أبي طالب، وجعل هذا من الشفاعة المختصّ بها النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وزاد بعضهم شفاعةً سادسةً خاصّةً بالنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهي شفاعته في سبعين ألفًا يدخلون الجنة بغير حساب. انتهى كلام ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- بتصرّف، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): قد تقدّم أن ذكر الخمس ليس للحصر، بل أخبر -صلى اللَّه عليه وسلم- به على حسب ما أطلعه اللَّه عليه، وإلا فقد ثبت في حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- الآتي: "فُضِّلت على الأنبياء بستّ. . . " فذكر الخمس المذكورة في حديث جابر -رضي اللَّه عنه-، إلا الشفاعة، وزاد خَصْلتين، وهما: "وأعطيت جوامع الكلم، وخُتم بي النبيون"، فتحصّل منه، ومن حديث جابر سبع خصال.

وفي حديث حذيفة -رضي اللَّه عنه- الآتي بعد هذا: "فُضّلنا على الناس بثلاث خصال: جُعلت صفوفنا كصفوف الملائكة. . . " وذكر خصلة الأرض، كما تقدم، قال: وذكر خصلة أخرى، وهذه الخصلة المبهمة بيّنها ابن خزيمة، والنسائيّ، وهي: "وأعطيت هذه الآيات من آخر سورة البقرة من كنز تحت العرش"، يشير إلى ما حطه اللَّه عن أمته من الإصر، وتحميل ما لا طاقة لهم به، ورفع الخطأ والنسيان، فصارت الخصال تسعًا.

ولأحمد من حديث عليّ -رضي اللَّه عنه-: "أعطيت أربعًا لم يعطهن أحد من أنبياء اللَّه: أعطيت مفاتيح الأرض، وسُمِّيت أحمد، وجُعلت أمتي خير الأمم"، وذكر خصلة التراب، فصارت الخصال اثنتي عشرة خصلةً.

وعند البزار من وجه آخر، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- رفعه: "فُضِّلت على