وقال الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآية: وقوله تعالى: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} كقوله عزَّ وجلَّ: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} فهذه الآية نصّ في أنه لا نبي بعده -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإذا كان لا نبي بعده فلا رسول بعده بالطريق الأولى والأحرى؛ لأن مقام الرسالة أخصّ من مقام النبوة، فإن كل رسول نبيّ ولا ينعكس، وبذلك وردت الأحاديث المتواترة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من حديث جماعة من الصحابة -رضي اللَّه عنهم-.
أخرج الإمام أحمد في "مسنده" من طريق عبد اللَّه بن محمد بن عَقِيل، عن الطفيل بن أُبَيّ بن كعب، عن أبيه -رضي اللَّه عنه-، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"مثلي في النبيين، كمثل رجل بنى دارًا، فأحسنها وأكملها، وترك فيها موضع لبنة لم يضعها، فجعل الناس يطوفون بالبنيان، ويَعْجَبون منه، ويقولون: لو تم موضع هذه اللبنة، فأنا في النبيين موضع تلك اللبنة"، ورواه الترمذيّ، وقال: حسن صحيح.
وأخرج أحمد أيضًا عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن الرسالة والنبوة قد انقطعت، فلا رسول بعدي ولا نبيّ"، قال: فشقّ ذلك على الناس، فقال:"ولكن المبشرات"، قالوا: يا رسول اللَّه، وما المبشرات؟ قال:"رؤيا الرجل المسلم، وهي جزء من أجزاء النبوة"، وهكذا رواه الترمذيّ، وقال: صحيح غريب من حديث المختار بن فُلْفَل. وأخرج الشيخان عن جابر بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مثلي ومثل الأنبياء، كمثل رجل بَنَى دارًا، فأكملها وأحسنها، إلا موضع لبنة، فكان من دخلها، فنظر إليها، قال: ما أحسنها إلا موضع هذه اللبنة، فأنا موضع اللبنة، جئتُ، فختمتُ الأنبياء"، لفظ مسلم.
وأخرجا أيضًا: عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه -رضي اللَّه عنه- قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول:"إن لي أسماء، أنا محمدٌ، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يَمحُو اللَّه تعالى بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس على قدمَيّ، وأنا العاقب الذي ليس بعده نبيٌّ".
وأخرج أحمد من طريق ابن لهيعة، عن عبد اللَّه بن هُبيرة، عن عبد الرحمن بن جبير، قال: سمعت عبد اللَّه بن عمرو يقول: خرج علينا