للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البحث فيها مستوفًى قريبًا. (أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ) من الإتيان ثلاثيًّا، وفي بعض نسخ البخاريّ: "أوتيت" بالواو بعد الهمزة، من الإيتاء رباعيًّا، وهو الإعطاء، فعلى هذا تكون الباء زائدةً في قوله: (بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ) المراد منها: ما يُفتَحُ لأمته من بعده من الفتوح، وقيل: المعادن، وقال الخطابيّ: المراد بخزائن الأرض: ما فُتِح على الأمة من الغنائم، من ذخائر كسرى، وقيصر، وغيرهما، ويَحْتَمِل معادن الأرض التي فيها الذهب والفضّة، وقال غيره: بل يُحْمَل على أعمّ من ذلك. انتهى (١).

(فَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيَّ") وفي رواية البخاريّ: "في يدي وفي رواية: "في كفّي"، ثم يحتمل أن يكون مفردًا مضافًا إلى ياء المتكلّم، فتكون الدال، أو الفاء مكسورة، ويحتمل أن يكون مثنّى، مضافًا إليها أيضًا، فتكون مفتوحةً، على قاعدة المثنّى المضاف إلى ياء المتكلّم، ولا تخالف بين المعنيين؛ لأن المفرد المضاف يعمّ، فيكون بمعنى المثنّى، واللَّه تعالى أعلم.

قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذه الرؤيا أوحى اللَّه فيها لنبيّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن أمته ستملك الأرض، ويتّسع سلطانها، ويَظْهر دينها، ثم إنه وقع ذلك كذلك، فملكت أمته من الأرض ما لم تملكه أمة من الأمم فيما عَلِمناه، فكان هذا الحديث من أدلة نبوّته -صلى اللَّه عليه وسلم-، ووجه مناسبة هذه الرؤيا أن مَن مَلَك مفتاح الْمُغْلَق، فقد تمكّن من فتحه، ومن الاستيلاء على ما فيه. انتهى (٢).

(قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ) -رضي اللَّه عنه-، وهو موصول بالسند المذكور أوّلًا (فَذَهَبَ) أي مات (رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَأَنْتُمْ تَنْتَثِلُونَهَا) جملة في محلّ نصب على الحال من الفاعل، وهو: بمثناة، ثم نون ساكنة، ثم مثناة، بوزن تَفْتَعِلُونها، يعني تستخرجون ما فيها من خزائن الأرض، وما فُتح على المسلمين من الدنيا، وتنتفعون بها.

وقال في "الفتح": ولبعضهم بحذف المثناة الثانية، من النَّثل -بفتح النون، وسكون المثلّثة- وهو الاستخراج، يقال: نَثَلَ كنانته -أي من باب


(١) "الفتح" ١٤/ ٤٦١ في "كتاب التعبير".
(٢) "المفهم" ٢/ ١١٩ - ١٢٠.