ضرب-: استخرج ما فيها من السِّهام، وجِرابَه: نَفَضَ ما فيه، والبئرَ: أخرج ترابها، فمعنى تنتثلونها: تستخرجون ما فيها، وتتمتّعون به.
قال ابن التين، عن الداوديّ: هذا هو المحفوظ في هذا الحديث، وقال النوويّ: يعني ما فُتح على المسلمين من الدنيا، وهو يَشْمَل الغنائم، والكنوز، وعلى الأول اقتصر الأكثر، ووقع عند بعض رُواة مسلم بالميم بدل النون الأولى، وهو تحريف. انتهى.
[تنبيه]: وقع في رواية للبخاري في "كتاب الاعتصام" من "صحيحه" ما نصّهّ: "قال أبو هريرة: فقد ذهب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأنتم تَلْغَثُونها، أو تَرْغَثُونها، أو كلمة تشبهها".
قال في "الفتح": فالأولى بلام ساكنة، ثم غين معجمة مفتوحة، ثم مثلّثة، والثانية مثلها، لكن بدل اللام راء، وهي من الرَّغْث، كناية عن سَعَة العيش، وأصله من رَغَثَ الْجَدْيُ أمه: إذا ارتضع منها، وأرغثته هي: أرضعته، ومن ثمّ قيل: رُغُوث، وأما باللام، فقيل: إنه لغة فيها، وقيل: تصحيف، وقيل: مأخوذة من اللَّغِيث بوزن عَظِيم، وهو الطعام المخلوط بالشعير، ذكره صاحب "المحكم" عن ثعلب، والمراد يأكلونها كيما اتفق، وفيه بُعد.
وقال ابن بطّال: وأما اللغث باللام، فلم أجده فيما تصفّحتُ من اللغة. انتهى.
قال الحافظ: ووجدت في حاشيةٍ من كتابه: هما لغتان صحيحان فصيحتان، معناهما الأكل بالنَّهَم، وأفاد الشيخ مغلطاي عن كتاب "المنتهى" لأبي المعالي اللغويّ: لغث طعاَمه، ولعث -بالغين، والعين، أي المعجمة، والمهملة-: إذا فرّقه، قال: واللَّغِيث ما يبقى في الكيل من الْحَبّ، فعلى هذا فالمعنى: وأنتم تأخذون المال، فتفرّقونه بعد أن تحوزوه، واستعار للمال ما للطعام؛ لأن الطعام أهمّ ما يُقْتَنَى لأجله المالُ، وزعم أن في بعض نسخ "الصحيح": وأنتم تلعقونها -بمهملة، ثم قاف- قال الحافظ: وهو تصحيف، ولو كان له بعض اتِّجَاه. انتهى (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.