للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لتلك الهيئة، وأراد بذلك تأكيد خبره بأنه لم يَنْسَ منه شيئًا، بل كأنه ينظر إليهم الآن، وهم على الهيئة المذكورة (عَلَى رَاحِلَتِهِ) جارّ ومجرور متعلّق بحال مقدّر من "رسول اللَّه"، أي حال كونه راكبًا على راحلته.

و"الراحلة": الْمَرْكَبُ من الإبل ذكرًا كان أو أنثى، وبعضهم يقول: الراحلة: الناقة التي تصلح أن تُرْحَل، وجمعها رَوَاحِل، قاله في "المصباح" (١).

وقال في "العمدة": وكانت راحلته -صلى اللَّه عليه وسلم- ناقةً تُسَمَّى القَصْواء. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": وراحلته -صلى اللَّه عليه وسلم- هذه أخذها من أبي بكر -رضي اللَّه عنه- في الهجرة، وذلك أن أبا بكر -رضي اللَّه عنه- كان جهّز للَّهجرة راحلتين لَمّا قال له النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أرجو أن يؤذن لي"، يعني في الهجرة، فعلفهما ورَقَ السَّمُرَة أربعة أشهر، فلَمّا أُذن له -صلى اللَّه عليه وسلم- في الهجرة، قال أبو بكر: خذ بأبي أنت وأمّي يا رسول اللَّه إحدى راحلتيّ هاتين، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بالثمن"، وفي رواية ابن إسحاق: قال: "لا أركب بعيرًا ليس هو لي"، قال: فهو لك، قال: "لا ولكن بالثمن الذي ابتعتها به"، قال: أخذتها بكذا وكذا، قال: "أخذتها بذلك"، قال: هي لك، وفي حديث أسماء بنت أبي بكر -رضي اللَّه عنه- عند الطبرانيّ فقال: "بثمنها يا أبا بكر"، فقال: بثمنها إن شئتَ.

ونَقَل السُّهَيليّ في "الروض الأُنُف" عن بعض شيوخ المغرب أنه سئل عن امتناعه -صلى اللَّه عليه وسلم- من أخذ الراحلة مع أن أبا بكر أنفق عليه ماله، فقال: أَحَبّ أنْ لا تكون هجرته إلا من مال نفسه.

وأفاد الواقديّ أن الثمن ثمانمائة، وأن التي أخذها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من أبي بكر هي القَصْواء، وأنها كانت من نَعَم بني قُشَير، وأنها عاشت بعد النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قليلًا، وماتت في خلافة أبي بكر، وكانت مُرْسَلة ترعى بالبقيع.

وذكر ابن إسحاق أنها الجذعاء، وكانت من إبل بني الْحَرِيش، وكذا في رواية أخرجها ابن حبان من طريق هشام، عن أبيه، عن عائشة -رضي اللَّه عنها- أنها الجذعاء، قاله في "الفتح" (٣).


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٢٢ - ٢٢٣.
(٢) "عمدة القاري" ٤/ ٢٥٩.
(٣) ٧/ ٢٧٧ - ٢٧٨.