للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ) جملة حاليّة من الفاعل، أي حال كون أبي بكر -رضي اللَّه عنه- راكبًا خلفه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

و"الرَّدْفُ" -بكسر الراء، وسكون الدال المهملة-: هو الذي تَحْمِله خلفك على ظهر الدابّة، يقال: أردفته إردافًا، وارتدفته، فهو رَدِيفٌ، ورِدْفٌ، أفاده في "المصباح" (١).

وقال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: المراد أنه كان راكبًا خلف النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهما على بعير واحد، وهو الظاهر، أو على بعيرين، لكن أحدهما يتلو الآخر. انتهى.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: كأن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أردفه تشريفًا له، وتنويهًا بقدره، وإلا فقد كان لأبي بكر ناقة هاجر عليها. انتهى.

وقال الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وفي إردافه لأبي بكر -رضي اللَّه عنه- في ذلك اليوم دليلٌ على شرف أبي بكر، واختصاصه به دون سائر أصحابه. انتهى (٢).

وقال في "العمدة": وكان لأبي بكر ناقةٌ، فلعله تركها في بني عمرو بن عوف؛ لمرض، أو غيره، ويجوز أن يكون ردّها إلى مكة؛ ليحمل عليها أهله، وثَمّ وجه آخر حسَنٌ، وهو أن ناقته كانت معه، ولكنه ما ركبها؛ لشرف الارتداف خلفه؛ لأنه تابعه، والخليفة بعده. انتهى (٣).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: ما استحسنه أخيرًا قريبٌ مما قاله الحافظ، وهو الأولى.

وحاصله أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أردفه على ناقته؛ ليتشرّف بذلك، وليعلم الناس منزلته عنده، واللَّه تعالى أعلم.

(وَمَلَأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ) جملة حاليّة أيضًا، أي حال كون أشراف بني النّجّار محيطين به -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإنما أحاطوا به؛ تعظيمًا له، وفرحًا بقدومه إليهم.

(حَتَّى أَلْقَى) أي رَحْله، فالمفعول محذوفٌ، يقال: ألقيت بالشيء: إذا طرحته، وقال ابن رجب: معناه: أنه نزل به، فإن السائر إذا نزل بمكان ألقى فيه رحله، وما معه. انتهى.


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٢٤ - ٢٢٥.
(٢) "فتح الباري" ٢/ ٢٠٥.
(٣) "عمدة القاري" ٤/ ٢٥٩.