قال الجامع عفا اللَّه عنه: فنائب الفاعل على الضبط الأخير ضمير النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مثل الضبط الأول، وكذا ضمير "إنه" له أيضًا، وأما ما قاله العينيّ من أن ضمير "إنه" في هذه الحالة للشأن ففيه نظر لا يخفى، يعني أن أللَّه تعالى أمر نبيّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ببناء المسجد.
(قَالَ) أنس -رضي اللَّه عنه- (فَأَرْسَلَ) النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (إِلَى مَلِإ بَنِي النَّجَّارِ) بالإضافة، وفي رواية البخاريّ:"إلى ملإ من بني النجّار"(فَجَاءُوا، فَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي) أي قرّروا معي ثمنه، وبيعونيه بالثمن، يقال: ثامنتُ الرجل في المبيع أُثَامِنه: إذا قاولته في ثمنه، وساومته على بيعه واشترائه، قاله في "اللسان".
قال الخطابيّ رَحِمَهُ اللَّهُ: فيه أن صاحب السلعة أحقّ بالسوم، فإنه -صلى اللَّه عليه وسلم- طلب منهم أن يذكروا له الثمن، ولم يقطع فيها من عنده. انتهى (١).
وقوله: (بِحَائِطِكُمْ هَذَا") متعلّق بـ "ثامنوني"، والإشارة إلى بستان هناك، و"الحائط": البستان من النخيل، إذا كان عليه حائطٌ، وهو الجدار، وجمعه الحوائط، قاله في "اللسان".
وقال في "العمدة": الحائط هنا: البستان، يدلّ عليه قوله:"وفيه نخل، وبالنخل فقُطِع"، وفي لفظ:"كان مِرْبَدًا"، وهو الموضع الذي يجعل فيه التمر ليُجَفّف. انتهى.
(قَالُوا) أي ملأ بني النجّار (لَا وَاللَّهِ لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ) وفي نسخة: "ما نطلب ثمنه"، وأصل الكلام:"واللَّه لا نطلُب ثمنه"، فاعتُرض بالقسم بين "لا"