للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

و"الرجَز" -بفتحتين-: نوعٌ من أوزان من الشعر معروفٌ، أجزاؤه "مستفعلن" ستّ مرّات، ورَجَز الرجل يَرْجُز، من باب نصر: إذا قال شعر الرجز، وارتجز مثله، وقد اختَلَفَ العروضيون، وأهل الأدب في الرجز، هل هو شعر أم لا؟، والصحيح أنه شعر، وسيأتي تمام البحث فيه قريبًا -إن شاء اللَّه تعالى-.

(وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَعَهُمْ) جملة حاليّة من فاعل "يرتجزون"، أي والحال أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- مصاحب لهم في نقل الحجارة، والارتجاز.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ليس فيه دليل راجح على أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان المنشد، بل الظاهر منهم أنهم هم كانوا المرتجزين بحضرة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإن الواو للحال، و"رسول اللَّه" مبتدأ، و"معهم" خبره، والجملة في موضع الحال، هذا هو الظاهر.

ويَحْتَمِلُ أن يكون معطوفًا على المضمر في "يرتجزون". انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: بل الاحتمال الثاني هو الظاهر، يؤيّده ما وقع في بعض الرواية: "وهو يرتجز معهم"، وفي حديث البراء -رضي اللَّه عنه- قال: رأيت النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم الخندق، وهو ينقل التراب. . . وفيه: "وهو يرتجز برجز عبد اللَّه بن رواحة"، متّفق عليه، فدلّ على أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يرتجز بنفسه، ويُنشد شعر غيره، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.

(وَهُمْ يَقُولُونَ) جملة حاليّة أيضًا، فالحالان إما متداخلان، ولا خلاف فيه، أو مترادفان، وفيه خلاف، وقد تقدّم تحقيقه، وفي رواية البخاريّ في "الصلاة: "وهو يقول"، فالضمير للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفي رواية له في "الهجرة" من طريق الزهريّ: وطَفِقَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ينقل معهم اللبِنَ في بنيانه، ويقول، وهو ينقل اللبِنَ:

هَذَا الْحِمَالُ لَا حِمَالُ خَيْبَرْ … هَذَا أَبَرُّ رَبَّنَا وَأَطْهَرْ

ويقول:

اللَّهُمَّ إِنّ الأَجْرَ أَجْرُ الآخِرَهْ … فَارْحَمِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ

(اللَّهُمَّ) معناه: يا اللَّهُ، وقال البصريّون: اللَّهمّ دعاء بِجْمِيع أسمائه؛ إذ


(١) "المفهم" ٢/ ١٢٤.