للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شكّ فيه أنه صادق فيما يقوله، وينادي به. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الحقّ جواز نسخ المتواتر بخبر الواحد؛ لإفادته العلم؛ كما دلّ عليه حديث الباب وغيره، وقد أطبق الصحابة -رضي اللَّه عنهم- على قبوله.

قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قبول خبر الواحد مجمع عليه من السلف، ومعلوم بالتواتر من عادة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في توجيهه ولاته ورسله آحادًا إلى الآفاق؛ ليُعَلِّمُوا الناس دينهم، ويبلغوهم سنة رسولهم -صلى اللَّه عليه وسلم-، من الأوامر والنواهي، والمخالف في ذلك معاند، أو ناقص الفطرة. انتهى (٢).

وقد حقّقت هذا البحث في "التحفة المرضيّة"، وشرحها، فراجعهما تزدد علمًا، واللَّه تعالى وليّ التوفيق.

٥ - (ومنها): بيان أن حكم الناسخ لا يثبت في حق المكلف حتى يبلغه؛ لأن أهل قباء لم يؤمروا بالإعادة، مع كون الأمر باستقبال الكعبة وقع قبل صلاتهم تلك بصلوات.

قال المازريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختلفوا في النسخ إذا ورد متى يتحقق حكمه على المكلف؟ ويُحتَجّ بهذا الحديث لأحد القولين، وهو أنه لا يثبت حكمه حتى يبلغ المكلف؛ لأنه ذَكَر أنهم تحولوا إلى القبلة، وهم في الصلاة، ولم يعيدوا ما مضى، فهذا يدل على أن الحكم إنما يثبت بعد البلاع.

وقال غيره: فائدة الخلاف في هذه المسألة في أن ما فُعِل من العبادات بعد النسخ، وقبل البلاغ، هل يعاد أم لا؟، ولا خلاف أنه لا يلزم حكمه قبل تبليغ جبريل -عَلَيْهِ السَّلَامُ-.

وقال الطحاويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وفيه دليل على أن من لم يعلم بفرض اللَّه، ولم تبلغه الدعوة، ولا أمكنه استعلام ذلك من غيره، فالفرض غير لازم، والحجة غير قائمة عليه.

وقال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قد اختَلَف العلماء فيمن أسلم في دار الحرب، أو أطراف بلاد الإسلام، حيث لا يجد من يتعلم منه الشرائع، ولا


(١) "فتح الباري" لابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- ١/ ١٨٩.
(٢) "المفهم" ٢/ ١٢٦.