للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٠ - (ومنها): أنه يُحْتَجّ به على أن من صلى بالاجتهاد إلى غير القبلة، ثم تبيّن له الخطأ لا تلزمه الإعادة؛ لأنه فعل ما عليه في ظنه، وإن خالف الصواب في نفس الأمر، كما أن أهل قباء فَعَلوا ما وجب عليهم عند ظنهم بقباء الأمر، فلم يؤمروا بالإعادة.

١١ - (ومنها): أن فيه الدلالة على شرف النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكرامته على ربه، حيث يُعْطِي له ما يحبه ويتمنّاه، فقد تمنّى أن يوجّه إلى الكعبة، فأعطاه اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- ذلك، {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} الآية [البقرة: ١٤٤].

١٢ - (ومنها): بيان ما كان عليه الصحابة -رضي اللَّه عنهم- من الحرص على دينهم، والشفقة على إخوانهم، حيث قاموا بتبليغ نسخ القبلة في مساجد المدينة.

١٣ - (ومنها): بيان ما كان عليه الصحابة -رضي اللَّه عنهم- أيضًا من كمال طاعتهم للَّه تعالى، ولرسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، حيث استجابوا من بلّغهم بأن القبلة قد حُولت، فتحولوا إلى الكعبة، مستجيبين للحقّ، ومنقادين له، فرضي اللَّه تعالى عنهم أجمعين.

١٤ - (ومنها): أن ابن كثير: نقل عن ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- أن تحويل القبلة هو أول ما نُسخ من القرآن (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم فيمن اجتهد في القبلة، فصلى إلى غيرها، فهل يعيد أم لا؟:

ذهب إبراهيم النخعيّ، والشعبيّ، وعطاء، وسعيد بن المسيب، وحماد إلى أنه لا يعيد، وبه قال الثوريّ، وأبو حنيفة، وأصحابه، وإليه ذهب البخاريّ، وعن مالك كذلك، وعنه: يعيد في الوقت استحسانًا.

وقال ابن المنذر: وهو قول الحسن، والزهريّ، وقال المغيرة: يعيد أبدًا، وعن حميد بن عبد الرحمن، وطاووس، والزهريّ: يعيد في الوقت، وقال الشافعيّ: إن فرغ من صلاته، ثم بان له أنه صلى إلى المغرب استأنف الصلاة، وإن لم يَبِن له ذلك إلَّا باجتهاده، فلا إعادة عليه.


(١) راجع: "تفسير ابن كثير" ١/ ٢٧٤.