للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي "التوضيح": وقال الشافعيّ: إن لم يتيقن الخطأ فلا إعادة عليه، وإلا أعاد.

ورَوَى الترمذيّ، وابن ماجه، من حديث عن عبد اللَّه بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، قال: كنا مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في سفر، في ليلة مظلمة، فلم نَدْر أين القبلة؟ فصلى كل رجل منا على حِيَاله، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فنزل: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} الآية [البقرة: ١١٥]، لكن الحديث ضعيف؛ لأن في سنده أشعث السمّان، وهو متروك.

قال الترمذيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى هذا، قالوا: إذا صلى في الغيم لغير القبلة، ثم استبان له بعدما صلى أنه صلى لغير القبلة، فإن صلاته جائزة، وبه يقول سفيان الثوريّ، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: أرجح الأقوال عندي ما ذهب إليه الجمهور، ورجحه الإمام البخاريّ في "صحيحه"، حيث قال: "باب ما جاء في القبلة، ومن لا يرى الإعادة على من سها، فصلّى إلى غير القبلة"؛ لحديث الباب، ووجه دلالته عليه من حيث إن الخطأ والجهل متشابهان، فيكون حكمهما واحدًا، ولما استدلّ به البخاريّ: من أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- سلّم في ركعتي الظهر. . . إلخ، وهو طرف من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- في قصّة ذي اليدين، وهو موصول في "الصحيحين" من طرُق.

لكن قوله: "وأقبل على الناس" ليس في "الصحيحين" بهذا اللفظ موصولًا، لكنه في "الموطّأ" من طريق سفيان مولى ابن أحمد، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.

ووجه الاستدلال به من جهة أن بناءه على الصلاة دالّ على أنه في حال استدباره القبلة كان في حكم المصلّي، ويؤخذ منه أن من ترك الاستقبال ساهيًا لا تبطل صلاته (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


(١) راجع: "الفتح" ١/ ٦٠٢.