للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في المسجد الحرام، فليكن وجهه إلى الكعبة، وينظر إليها إيمانًا واحتسابًا، فإنه يُرْوَى أن النظر إلى الكعبة عبادة، قاله عطاء، ومجاهد.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: أخرج الطبرانيّ عن ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما-: "أشرف المجالس ما استُقْبِل به القبلة"، وهو ضعيف (١).

٣ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختلفوا هل فرض الغائب استقبال العين أو الجهة؟، فمنهم من قال بالأول، قال ابن العربيّ: وهو ضعيف؛ لأنه تكليف لما لا يَصِل إليه، ومنهم من قال بالجهة، وهو الصحيح؛ لثلاثة أوجه:

الأول: أنه الممكن الذي يرتبط به التكليف.

الثاني: أنه المأمور به في القرآن؛ لقوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ} [البقرة: ١٤٤] يعني من الأرض من شرق أو غرب {فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}.

الثالث: أن العلماء احتجُّوا بالصفّ الطويل الذي يُعلم قطعًا أنه أضعاف عرض البيت. انتهى. وهو بحث نفيسٌ، واللَّه تعالى أعلم.

٤ - (ومنها): ما قال القرطبيّ أيضًا: في هذه الآية حجة واضحة لما ذهب إليه مالك، ومن وافقه في أن المصلي حكمه أن ينظر أمامه، لا إلى موضع سجوده، وقال الثوريّ، وأبو حنيفة، والشافعيّ، والحسن بن حيّ: يُسْتَحَب أن يكون نظره إلى موضع سجوده، وقال شريك القاضي: ينظر في القيام إلى موضع السجود، وفي الركوع إلى موضع قدميه، وفي السجود إلى موضع أنفه، وفي القعود إلى حِجْره.

قال ابن العربيّ: إنما ينظر أمامه، فإنه إن حنى رأسه ذهب بعض القيام المفترَض عليه في الرأس، وهو أشرف الأعضاء، وإن أقام رأسه وتكلف النظر ببصره إلى الأرض فتلك مشقة عظيمة، وحرج، وما جُعِل علينا في الدين من حرج، أما إن ذلك أفضل من قدر عليه. انتهى (٢).


(١) راجع: "ضعيف الجامع" للشيخ الألبانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- رقم (٨٧٦).
(٢) "الجامع لأحكام القرآن" ٢/ ١٥٨ - ١٦٠.