"إن" لوقوعها بعد "ألا" الاستفتاحيّة، كقوله تعالى:{أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ} و (قَدْ حُوِّلَتْ) بالبناء للمفعول، أي صُرفت عن بيت المقدس إلى المسجد الحرام (فَمَالُوا) قال في "المصباح": مال عن الطريق يميل مَيْلًا: إذا تركه، وحاد عنه. انتهى (١). أي ترك هؤلاء القوم قبلتهم، وحادوا عنها (كَمَا هُمْ) أي على حالتهم التي كانوا عليها، وهي كونهم راكعين في صلاة الفجر (نَحْوَ الْقِبْلَةِ) بنصب "نحوَ" على الظرفيّة، أي جهة القبلة المأمور باستقبالها، وهي الكعبة، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أنس -رضي اللَّه عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢/ ١١٨٥](٥٢٧)، و (أبو داود) في "الصلاة"(١٠٤٥)، و (أحمد) في "مسنده"(٣/ ٢٨٤ رقم ١٤٠٤٢)، و (النسائيّ) في "الكبرى"(٦/ ٢٩٢ رقم ١١٠٠٨)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه"(٤٣٠ و ٤٣١)، و (أبو يعلى) في "مسنده"(٦/ ٤٤٢ رقم ٣٨٢٦)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(٢/ ١٣٠ رقم ١١٦٦)، واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان نسخ القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام.
٢ - (ومنها): بيان وجوب استقبال الكعبة، قال أبو عبد اللَّه القرطبيّ في "تفسيره": لا خلاف بين العلماء أن الكعبة قبلة في كل أُفُق، وأجمعوا على أن من شاهدها وعاينها فرض عليه استقبالها، وأنه إن ترك استقبالها، وهو معاين لها، وعالم بجهتها فلا صلاة له، وعليه إعادة كلّ ما صلى، ذكره أبو عمر.
وأجمعوا على أن كلَّ من غاب عنها عليه أن يستقبل ناحيتها وشطرها، وتلقاءها، فإن خَفِيت عليه فعليه أن يستدلّ على ذلك بكل ما يمكنه من النجوم والرياح والجبال وغير ذلك، مما يُمْكِن أن يستدَلَّ به على ناحيتها، ومن جلس