وفي رواية أبي معاوية التالية أن تلك الكنيسة تسمى مَارِيَة.
(رَأَيْنَهَا) هكذا رواية مسلم: "رأينها" بنون النسوة، والضمير لأم حبيبة، وأم سلمة، ومن معهما، ووقع عند البخاريّ في رواية الأصيليّ، والكُشميهنيّ، بلفظ:"رأتاها" بضمير التثنية للمؤنّث على الأصل، وكذا هو عند النسائيّ.
(بِالْحَبَشَةِ) بفتحتين: البلد المعروف الذي هاجر إليه الصحابة في أول الإسلام، قبل هجرة المدينة، وكانت أم حبيبة، وأم سلمة ممن هاجر إليه (فِيهَا تَصَاوِيرُ) جملة في محل نصب على الحال من "كنيسة"؛ لكونها موصوفة بجملة "رأينها"، أو صفة بعد صفة، والتصاوير: التماثيل، والمراد صُوَر ذوات الأرواح (لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) متعلّق بـ "ذَكَرتا" (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ أُولَئِكِ) بكسر الكاف، ويجوز فتحها، قاله في "الفتح"، و"العمدة"، وقال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قيل: بكسر الكاف؛ لأن الخطاب للمؤنّث، وقد تُفتح، قال: وكأن الفتح لتوجيه الخطاب إلى كلّ ما يصلح له، لا لتوجيهه إليهما، وأنت خبير بأن مقتضى توجيه الخطاب إليهما أن يقال: أولئكما، لا أولئكِ -بالكسر- وعند الإفراد ينبغي الفتح بتوجيه الخطاب إلى كلّ ما يصلح له، فليُتأمّل. انتهى (١).
(إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ، فَمَاتَ) عطف على "كان"، وقوله:(بَنَوْا) جواب "إذا" (عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا) أي محلّ عبادة (وَصَوَّرُوا فِيهِ) أي في ذلك المسجد (تِلْكَ الصُّوَرَ) وفي رواية البخاريّ والنسائيّ: "تيك الصور" بكسر التاء المثنّاة، وسكون الياء بدل اللام، من "تلك"، وهي لغة فيه (أُولَئِكِ) بكسر الكاف، وتفتح كما سبق آنفًا (شِرَارُ الْخَلْقِ) بكسر الشين المعجمة: جمع شَرّ، كالخيار جمع خَيْرٍ، والبحار جمع بَحْر، وأما الأشرار، فقال يونس: واحدها شَرٌّ أيضًا، وقال الأخفش: شَرِيرٌ، مثلُ يَتِيم وأيتام، أفاده في "العمدة".
وإنما كانوا شرار الخلق؛ لأنهم ضمّوا إلى كفرهم الأعمال القبيحة، فهم أقبح الناس عقيدةً وعملًا، قاله السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
وقوله: (عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ") متعلّقان بـ "شرار"، وإنما خصّ يوم القيامة؛ لأن الأمور تشتدّ فيه، بخلاف الدنيا، فمن كان أشرّ الناس فيه كان أشدّهم