للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٨ - (ومنها): ما قاله ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا الحديث يدلّ على امتناع اتخاذ قبر الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- مسجدًا، ومنه يُفْهَم امتناع الصلاة على قبره، ومن الفقهاء مَن استدلّ بعدم صلاة المسلمين على قبره -صلى اللَّه عليه وسلم- على عدم الصلاة على القبر جملةً.

وأجيبوا عن ذلك بأن قبر الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- مخصوص عن هذا بما فُهِم من هذا الحديث من النهي عن اتخاذ قبره مسجدًا.

وبعض الناس أجاز الصلاة على قبر الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كجوازها على قبر غيره عنده، وهو ضعيف؛ لتطابق المسلمين على خلافه، ولإشعار الحديث بالمنع منه. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الصلاة على القبر من لم يُصلّ عليه سنّة، فقد صلّى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على القبر، وصلّى أصحابه معه، فقد أخرج الشيخان عن ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى على قبر بعدما دُفن، فكبّر عليه أربعًا".

وأخرجا أيضًا عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أن امرأة أو رجلًا كانت تَقُمّ المسجد، ولا أراه إلا امرأةً، فذكر حديث النبيّ أنه صلى على قبرها.

وأخرج مسلم عن أنس -رضي اللَّه عنه- "أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى على قبر".

وأما الصلاة على قبره -صلى اللَّه عليه وسلم- فمن المنكرات، فمن أجازه قياسًا على غيره، فقد خالف إجماع المسلمين، كما أشار إليه ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ-، فتبصّر.

٩ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: في هذه الأحاديث ما يَستدلّ به مالك على صحّة القول بسدّ الذرائع على الشافعيّ وغيره من المانعين لذلك، وهي مستوفاة في الأصول. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذه المسألة قد أشبعت الكلام فيها في "التحفة المرضيّة"، و"شرحها" في الأصول، فراجعه تستفد، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:


(١) "إحكام الأحكام" ٢/ ١٧٣.
(٢) "المفهم" ٢/ ١٢٩.