للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي أباحه البيضاويّ هو عين ما جاء النهي عنه، فهل معنى قصد التبرك بالقبر غير معنى التعظيم، وهل دخل على الأولين الشرك والضلال إلا بقصد التبرك بقبور صالحيهم؟ فهذا هو غربة الإسلام، وعدم غيرة العلماء عليه، فيقرّرون للعوام الفساد، ويحبذون لهم الغلوّ في الصالحين.

ومن الغريب العجيب أن السيوطيّ، والسنديّ نقلا كلام البيضاويّ هذا في شرحيهما على النسائيّ، وكذا ذكر في "الفتح" نحوه، وكلهم أقرّوه عليه، وهذا هو العجب العجاب من مثل هؤلاء الأكابر، كيف جاز لهم إقرار مثل هذا القول الشنيع، المنابذ للسنة، والمعارض للنصوص الصريحة؟ وهل دخل على اليهود والنصارى هذا الضلال إلا من هذا الباب؟، فإن أول بداية ضلالهم هذا هو التبرّك بقبور أنبيائهم، وصالحيهم، فآل بهم الحال إلى أن عبدوهم، وقد وقع من كثير ممن يدَّعي الإسلام في كثير من بلدان الإسلام اليوم ما وقع منهم حذو النعل بالنغل، فمن يرى حال كثير من الناس فيما يفعلونه عند قبور الصالحين، من أنواع الشرك والضلالات لا يشك أنه عين ما وقع لليهود والنصارى في قبور أنبيائهم، فإنا للَّه، وإنا إليه راجعون.

ومن الداهية العظمى سكوت أهل العلم عن بيان ذلك، بل بعضهم يشاركونهم فيه، ويزيّنون لهم قبيح فعلهم، فإلى اللَّه المشتكى.

وقد حَكَى لي بعض من أثق به من أهل العلم أنه سافر إلى مصر لطلب العلاج، فزار قبر البدويّ، فرأى رجلًا من علماء البلد، عليه زيّ علماء الأزهر، يسجد أمام ضريح البدويّ، قال: فقلت له: إنا للَّه وإنا إليه راجعون، أمثلك يفعل هذا؟، وأنت من علماء هذه البلدة، وعليك لباس علماء الأزهر؟، قال: فردّ عليّ بملء فيه، قائلًا: إن السجود للَّه، والبدوي كالكعبة، أو كما قال، فإنا للَّه وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوّة إلا باللَّه العزيز الحكيم.

٥ - (ومنها): جواز حكاية ما يشاهده المرء من العجائب، ووجوب بيان حكم ذلك على العالم به.

٦ - (ومنها): ذمّ فاعل المحرمات، ولعنهم، وتحذير الناس من أفعالهم.

٧ - (ومنها): أن الاعتبار في الأحكام بالشرع لا بالعقل.